ذكرت دراسة نشرتها نشرة المجلة الطبية البريطانية أن مشروع إستئجار الدراجات المعمول به في العاصمة منذ عدة سنوات – والذي يطلق عليه اسم “دراجات بوريس” نسبة لعمدة لندن بوريس جونسون – بدأ في إظهار أثرًا إيجابيًا على صحة المستخدمين.
وقالت الدراسة إن هناك فوائد حققتها “دراجات بوريس” للرجال تفوق ما حققته للنساء. واستفادت منها أيضًا الفئات العمرية من 45 سنة فأكثر، والذين يحتاجون إلى نشاط بدني أكثر.
يُذكر أن الفوائد الصحية للمشروع فاقت الآثار السلبية للإصابات والتلوث البيئي التي تسهم في تدهور الحالة الصحية.
وانتهى القائمون على الدراسة إلى أن تشجيع المزيد من كبار السن على الانضمام إلى المشروع سوف يؤدي إلى المزيد من الفوائد الصحية التي تعود عليهم.
وكان مشروع استئجار الدراجات قد بدأ بمبادرة أطلقها بنك باركليز في لندن عام 2010 وقادها بوريس جونسون، عمدة العاصمة، الذي روج لها بقوة إلى درجة جعلت الناس يطلقون على المشروع “دراجات بوريس”.
وتابعت الدراسة، التي أعدها باحثون بمجلس البحوث الطبية وكلية الصحة العامة والطب الاستوائي و كلية لندن الجامعية، مشروع استئجار الدراجات على مدار عام واحد بدءً من 20 إبريل / نسيان 2001 وحتى مايو / آذار 2012.
ورصد الباحثون مشاركة 578607 رحلة قام بها المستخدمون على الدراجات البخارية واستخدمت بيانات النشاط البدني والسفر وحوادث السير وتلوث الهواء للوصول إلى الآثار الناتجة عن استئجار الدراجات على الصحة في وسط لندن.
وكشفت الدراسة عن أن فوائد استئجار الدراجات فاقت فعليًا الأضرار الناتجة عن المشروع عندما وُضعت معدلات الإصابة الناتجة عن استخدام الدراجات في الحسبان.
الرجال يحققون فوائد صحية أكثر من السيدات بركوب الدراجات
أدلة إضافية
عندما طُرح مشروع استئجار الدراجات للمرة الأولى، كانت هناك توقعات بأن يزداد عدد ركاب الدراجات الهوائية من ذوي الخبرة في وسط لندن مما قد يؤدي إلى ارتفاع معدل الإصابات بين مستخدمي الدراجات.
ولكن تلك التوقعات لم تتحقق على أرض الواقع مما دعا أنان غودمان، أستاذ الطب بكلية الصحة العامة والطب الاستوائي، بوصفها بأنها “غير دقيقة”.
وقال غودمان “لم نجد أي دليل على ذلك. وعلى العكس، ترجح النتائج التي توصلنا إليها أن المشروع انعكس إيجابًا على صحة سكان لندن. وبالتأكيد، لن يكون مستخدمو الدراجات في لندن أكثر عرضة للخطر من غيرهم من راكبي الدراجات في أماكن أخرى.”
واستخدم الباحثون مقياس سنوات العمر الضائعة باحتساب مدد العجز (داليز)، وهو مقياس يستخدم لحساب العمر مع الوضع في الاعتبار الآثار السلبية للمرض والإعاقة والموت المبكر.
وأسفرت تلك الحسابات عن ارتفاع عدد سنوات العمر إلى 75 سنة لدى الرجال مقابل 15 سنة لدى النساء.
كان الرجال هم الأكثر استفادة من ركوب الدراجات حيث كانت أغلب الفوائد المحققة هي تراجع معدل الإصابة بأمراض القلب في حين اقتصرت تلك الفوائد لدى النساء على مجرد التخفيف من الاكتئاب.
ولكن عندما استخدمت معدلات الإصابة الناتجة عن ركوب الدراجات في لندن – بصفة عامة دون الاقتصار على مشروع استئجار الدراجات – في إجراء مقارنة، ثبُت أن الفوائد أقل من الأضرار. فالنسبة للرجال، كادت فوائد استخدام الدراجات تتلاشىى لدى الرجال في حين اختفت تمامًا لدى النساء بسبب ارتفاع معدل الوفيات التي شهدتها لندن بسبب تلك الممارسة العام الماضي.
وبالنظر إلى الأعمار الأكبر، كشفت الدراسة أنه رغم ارتفاع درجة المخاطرة في هذه الممارسة لدى الفئة العمرية من 45 إلى 59 سنة، تتفوق الفوائد على الأضرار.
وبالنسبة للفئة العمرية من 30 إلى 44 سنة، تجاوزت فوائد ممارسة ركوب الدراجات الأضرار التي قد تنتج عنها بنسبة ضئلية لأن أغلب الأمراض ذات الصلة بالنشاط البدني لا تنتشر بين الفئات العمرية الأصغر.
التجربة الهولندية
قال جيمس وودكوك، المتخصص في الصحة السكانية بوحدة الأوبئة بمركز البحوث الطبية بجامعة كيمبريدج، إن الفوائد الصحية قد تزداد إذا ما توافرت بيئة أكثر أمانًا لركوب الدراجات.
وأضاف أن “هولندا تمكنت من تحقيق مستويات أعلى في ركوب الدراجات ليس من خلال التركيز على الخوذات والسترات الواقية، بل بتوفير بُنى تحتية عالية الجودة توفر حماية حقيقية لراكبي الدراجات من أخطار السير السريع.”
وقال روجر غيفين، مدير الحملات والسياسات بمؤسسة سي تي سي الخيرية الوطنية لركوب الدراجات، إن الفوائد الصحية لركوب الدراجات موثقة، ولكن الناس لديهم إحساس مبالغ فيه بالخطورة التي تنطوي عليها تلك الممارسة.
وأضاف أنه “من الممكن أن يشكل ذلك رادعًا عن ركوب الدراجات. ولكنه إحساس لا أساس له، فلا زلنا في حاجة إلى التحرك في اتجاه التقليل من الأخطار الفعلية والمحتملة لهذا النشاط.”
وقلل غيفين من شأن الخطر الذي تنطوي عليه ممارسة ركوب الدراجات مستشهدًا بإحصائية تقول أن حالة وفاة واحدة فقط تحدث على الطرق البريطانية لكل 26 مليون ميل من التنقل بالدراجة مؤكدًا على أن الدراجات تزيد من العمر المتوقع للإنسان.
المصدر: بي بي سي عربية