كاتب و ناشر من دولة الإمارات
أتصفح مجلة أجنبية، أبحث عن خبر غير مكرر عن الحقائق بعيون مختلفة، وأجدها حاضرة في أغلب الصحف والمجلات، وأتساءل عن سر هذه المدينة الصغيرة الكبيرة؟!.
ينقذني المترو من زحمة مفاجئة وأجد نفسي فى الموعد المحدد لاجتماعي، ويزيد ايماني بمدينة الحلول المبتكرة .
قد نختلف فى تعريف النجاح والإنجاز، لكننا جميعا سنتفق على الكم الهائل من الخيارات والخدمات التي توفرها هذه المدينة للفرد والجماعة فى جميع المجالات، ونتفق بما لاشك فيه أن العقلية أو المنهجية الإدارية الحديثة التي تدار بها المدينة صَنَعَت الفرق في تميزها إقليميا، وجعلها تقود كثير من التغيرات الإيجابية في المنطقة بطريقة مباشرة وغير مباشرة .
انتبه الإعلام الغربي وبصورة دقيقة لمعطيات التطور والتنمية التي تتميز بها هذه المدينة، وركز غالباً على الواقع فى تعاطيه مع المعلومات، وطريقة إبرازها للقارئ كان محايدا أحيانا وغاضبا أحيانا، ورغم تصنيفه للتجربة على أنها قصة نجاح إلا أنه كان قاسيا فى التعامل مع الأخبار السلبية الواردة من المنطقة، ورغم التناقض الواضح مابين الدفاع و الهجوم فى الإعلام الغربي لاتزال هذه المدينة متفردة بشكل لايخلو من الإعجاب، ومازالت بصورة متكررة فى قلب الأحداث لكن ما يهمنا الأن كما يقول محدثي هو كيفية التعامل مع الأحداث.
هل للمدن طريقة تدافع بها عن منجزاتها؟ أتساءل وأنا أرى الفجوة مابين المنجَز وطريقة التعامل مع الأحداث والأزمات، و دور الخطاب الإعلامي الذكي فى التركيز على مكامن القوة وعدم الاندراج في حفرة الدفاع عن نقاط الضعف .
عندما تمر بأزمة يكون المحامي السيئ أخر شي تحتاجه المدينة لتدافع بها عن نفسها، وكل ما على الإعلام فعله و بهدوء أن تجعل المدينة أو المنجَز تتولى عملية الدفاع بطريقة حديثة، حيث أن كثير من الانتقادات والملاحظات لا تستحق الرد أصلا، فما بالك إذا كان الدفاع سيئا.
في نظرة سريعة للإعلام نجد أن أغلب الأخبار الإيجابية فى المنطقة تأتي من هنا، وقليل هي المدن التي تحمل أكثر من قصة نجاح، وفي تجربتنا وخلال أزمة مالية عنيفة ضربت العالم والمنطقة تأثر بها الجميع مع بعض الاستثناءات، وأَخفَى البعض جروحه، وفي ذروة الأزمة تكون الأنباء السيئة الصفحات الأولي و دائما هناك الأخبار الإيجابية في بقية الصفحات في تناقض عجيب، ومؤشر صحيح على أن عجلة الحياة والتقدم تسير قدما إذا توفرت الإرادة القوية و أن أهل هذه المدينة يعيشون الانجازات رغم الأزمات.
فى منطقة تعج بالأحداث المتقلبة سياسياً وبصفة يومية، وتتأرجح شعوبها مابين الغنى والفقر اقتصاديا ويتصدر هم التركيبة السكانية والبطالة التى تعاني منه شعوب المنطقة اجتماعيا تبرز الحاجه داخليا لخطاب إعلامي منسق وموحد، فالإعلام حاضراً ومستقبلاً هو أم المعارك، وفى نظري هو المعركة الكبرى فى سباق التنمية والتطور لأي تجربة أو مدينة تطمح للنجاح، وهو حاليا في مدينتنا الحلقة الأضعف رغم قوة المنجَز. و في مدينتنا يثير الإنجاز بحد ذاته حفيظة البعض، وفي منطقة لم تتعود على سرعة الأداء والإنجاز.
أقول لمحدثي كيف تتناغم أكثر من 150 ثقافة و لغة مختلفة فى مدينة و احدة فيقول مبتسماً : الفضل يعود لكاميرات المراقبة!.
يقول علماء الاجتماع والانثروبولوجيا أن المستقبل للدول ذات التعددية الثقافية والاجتماعية، ورغم التحفظ الذي تبديه مجتمعاتنا على مصطلح التعددية الثقافيه وغلبة الهاجس السياسي والاقتصادي على الموضوع يبرز الهاجس الأمني فى المدن المفتوحه لجميع الجنسيات حيث تصبح السيطرة على الآثار السلبية الناجمة عنها من الصعوبة بمكان .
وفي مدينتنا حينما يحاول البعض العبث بالتقدم والحضارة من خلال المساس بالأمن، فإنهم يجابَهون بنفس الآلية والأسلوب، لأن لهذه المدينة قدرة على فهم المستقبل بطريقة أسرع من الآخرين.
لهذا نعترف الأن بأنا منك نغار لأننا لسنا مثلك!
و لأننا لم نفتح ملفات الفساد بجدية، ولازلنا نتستر عليهم، وقوانيننا لا تعرف التعامل مع الفساد المالي والإداري.
ولأننا لم نعرف الشفافية قط ومدننا ومؤسساتنا المديونة لا تزال تدار بعقلية قديمة.
نعترف الأن بأن مدننا المزدحمة لازالت غير نظيفة رغم أن النظافة دين و حضارة، وإلى الأن لم نقدم حلول عملية لمشاكل الزحمة.
لأنك أخذتي وقتا قصير لتبنى الكثير .
نغار لأنك المدينة الصغيرة لم نتوقع أن تكوني يوما مدينة كبيرة.
خاص لـ ( الهتلان بوست )