السلاح يمكنه أن يقلّم أظافر القاعدة في اليمن لكنه لن ينهيها أبداً. والحرب على القاعدة في اليمن ليست فقط بالدبابات والطائرات والعسكر. ما يمكن أن يلغي وجود القاعدة في اليمن هي مشروعات التنمية الحقيقية.
الناس تلجأ لجماعات التطرّف الديني -من ضمن أسباب أخرى- حينما تضيق بها الأحوال وتختفي معها بوادر الأمل. يسهل استقطاب عناصر القاعدة من البيئة المهيأة أصلاً للانتقام من سوء الأحوال وغياب القانون وضعف التنمية. إن التنمية الجادة هي أقوى الأسلحة التي يمكن أن يواجه بها اليمنيون أخطار العنف والتشدد والإرهاب. ولهذا فإن من مصلحة دول الخليج أن تستثمر في اليمن كي يسهل الخلاص من مخاطر القاعدة. فحينما تنشغل الناس باهتماماتها اليومية، في المزرعة وفي المصنع وفي أي عمل مجز، لا يعد عند الناس وقتا لسماع خطابات الظواهري ولا وعود القاعدة. ولهذا أتمنّى لو أن المعنيين بمقاتلة القاعدة في اليمن يعيدون استراتيجيتهم ويقرأون جيداً -وقبل أي شيء- أوضاع التنمية في اليمن.
التنمية هي مفتاح الحل لكثير من أزمات اليمن وعلى رأسها وجود القاعدة. لكن التنمية ليست كلمة عابرة أو جملة تقال في مناسبة عامة. إنها منظومة ضخمة ومتكاملة من المشروعات الحقيقية تبدأ بمشروعات البنى التحتية وتشمل تطوير التعليم والطرق والصحة. في اليمن اليوم عشرات الآلاف من الأيدي العاملة مع التأهيل والتدريب يمكنها أن تكون من عوامل البناء والنهضة في اليمن بدلاً من أن تصبح -بسبب اليأس والحرمان- قنابل موقوتة في أيدي القاعدة وغيرها من جماعات العنف في اليمن والمنطقة.
التنمية هي أفضل الأسلحة للانتصار على القاعدة في اليمن. وهي الجسر المتين الذي يمكن أن يوثق علاقات دول الخليج بأهل اليمن. وهي الضامن الرئيس لإغلاق الأبواب أمام الحرس الثوري الإيراني الذي ينافس الآن القاعدة في استغلال ظروف اليمن الصعبة كي يؤسس محطة جديدة من محطات «الفتنة» التي يسعى لنشرها في العالم العربي.