شهدت العاصمة الكندية، أمس، هجوما يحمل الطابع الإرهابي أسفر عن مقتل أحد المسلحين المعتدين وجندي كان يحرس نصبا قرب البرلمان، وذلك غداة رفع السلطات لدرجة التأهب الأمني بسبب اعتداء آخر وقع في مقاطعة كيبيك وعدته الحكومة عملا إرهابيا.
وأردت الشرطة مسلحا في البرلمان بأوتاوا قتيلا أمس، ثم واصلت البحث عن مسلحين آخرين محتملين، إثر إطلاق نار على جندي ومقتله وإصابة شرطي بالقرب من مقر البرلمان. وفرضت الشرطة طوقا أمنيا محكما بعيد الساعة العاشرة صباحا حول مكان الحادثة بعد أن قام شخص واحد على الأقل «يحمل بندقية صيد»، حسب شهود، بإطلاق النار على جندي كان يقف أمام نصب الجندي المجهول الواقع إلى جانب مقر البرلمان. وتعرض الجندي للإصابة، قبل أن ينقله رجال إسعاف أجروا له تنفسا اصطناعيا لإنقاذ حياته، إلا أن وزير العمل جيسون كيني أعلن في وقت لاحق عبر تغريدة على «تويتر» وفاة الجندي متأثرا بجروحه، كما أعلن أن عنصرا في الشرطة كان يحرس البرلمان أصيب بجروح في إطلاق النار.
وسرعان ما وصل عشرات الجنود المسلحين إلى وسط مدينة أوتاوا وسجل إطلاق نار في 3 أماكن مختلفة، بينها نصب الجندي المجهول والبرلمان وجوار مركز تجاري. وأكدت الشرطة مقتل أحد المهاجمين، الذين قالت إن عددهم قد يصل إلى 3. وقال مارك سوسي الضابط في شرطة أوتاوا: «نحن بصدد البحث بشكل دقيق عن مشتبه فيهم حاليا. لا نعلم ما إذا كان هناك مشتبه فيه واحد أم مجموعة من المشتبه فيهم».
وحسب شهادات متعددة، فإن المهاجم أو المهاجمين أطلقوا النار في البداية على أحد الجنود المتمركزين أمام نصب الجندي المجهول قبل أن يسيطروا على سيارة رسمية تحت التهديد للاقتراب من أبواب البرلمان، لأن الإجراءات الأمنية تحول دون دخول السيارات غير الرسمية إلى المكان. وتمكن المهاجمون بعدها من الدخول إلى المبنى المركزي للبرلمان حيث قاعة الاجتماعات.
وسمع بعد ذلك دوي انفجار قوي أتبع بإطلاق نار غزير من عناصر الشرطة، حسب ما جاء في شريط فيديو نقله صحافي يعمل في جريدة «غلوب ان ميل» كان داخل البرلمان وصور الشريط بواسطة هاتفه الجوال.
وقال الموظف في البرلمان مارك أندري فيو، إن «شخصا دخل البرلمان راكضا وكان عناصر من الشرطة يلاحقونه ويصرخون طالبين من الجميع الاحتماء»، مضيفا أنه سمع «نحو 20 طلقة رصاص» أطلقت داخل البرلمان.
وقال متحدث باسم رئيس الحكومة، ستيفن هاربر، الذي يوجد مكتبه داخل المنطقة المطوقة أمنيا، إن هاربر أجلي من المكان وهو بخير. كما نقل الزعيمان المعارضان اليساري توماس مولكير وجوستان ترودو من الحزب الليبرالي إلى مكان آمن.
وطلب من سكان وسط أوتاوا الابتعاد عن نوافذ منازلهم ومكاتبهم لأن أحد المسلحين فر «على الأرجح» إلى سطح البرلمان. وشوهد قناصة من الشرطة ينتشرون على أسطح الأبنية المجاورة. وأفادت وسائل الإعلام بأن القواعد العسكرية أقفلت وطلب من العسكريين البقاء في أماكنهم وعدم التنقل بلباسهم العسكري.
وجاء هذا الهجوم غداة رفع السلطات الكندية درجة التأهب إزاء وقوع هجوم إرهابي من الدرجة السفلى إلى الدرجة الوسطى، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2010. وجاء هذا القرار بعد مقتل عسكري وإصابة آخر في سان جان سور ريشيليو في مقاطعة كيبيك بعد صدمه عمدا بسيارة كان يقودها شاب في الخامسة والعشرين من العمر، قامت الشرطة بعدها بإطلاق النار عليه وقتله. واعتبرت الحكومة الكندية الحادثة عملا إرهابيا.
وتعد هذه المرة الأولى التي يقع في كندا اعتداء على علاقة بالتشدد الإسلامي. وأفادت أجهزة الاستخبارات الكندية بأن الجاني يدعى مارتن رولو كوتور واعتقل في يوليو (تموز) الماضي عندما كان يستعد للسفر إلى تركيا. وهو واحد من بين نحو 90 كنديا موجودين حاليا على الأراضي الكندية ويشتبه في أنهم قد يعدون لارتكاب اعتداءات. ومن بين التسعين، هناك 80 عادوا في الآونة الأخيرة من مناطق حرب، وخصوصا من العراق وسوريا، حسب ما قالت مطلع الشهر الحالي الحكومة الكندية. ودعت الحكومة السكان إلى توخي الحذر بعد أن قررت المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش.
أوتاوا – لندن: «الشرق الأوسط»