كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
من الأمثال الشعبية في بلاد الشام: “كانون الأجرد بيخلي الشجر أمرد” و”عرس المجانين في الكوانين” و”بعد كانون الشتا بيهون” و”في كانون الصحو فيه ظنون” و”في كانون كِنّ ببيتك وكثر من حطبك وزيتك” و”أبرد من مية كانون” و”شمس كانون مثل الطاعون” و”في كانون كِنّ وعلى الفقير حِنّ”…
ها قد انتهى كانون الأول وبدأ كانون الثاني ببرده القارس فيما الفقراء المهجرون في داخل سورية وخارجها حيث مخيمات اللجوء ينتظرون من يحنّ عليهم، والشهران هما آخر شهور السنة الميلادية وأولها الذي نحن فيه نتابع أخبار العاصفة “هدى” تهاجم المساكين ممن يواجهون ما تحمله إليهم من برد وصقيع وثلج بلا حول ولا قوة، ولا سلاح لديهم سوى الدعاء.
أما العاصفة “هدى” فقد برر الراصدون والإعلاميون إطلاق الاسم عليها كي ترأف بحال الضعفاء وتكون على اسمها “هدى”، فالشتاء في بلاد الشام أشد قسوة من غيره من الفصول، وخاصة أيام “الكانونين”، إذ يكثر الناس الجلوس في البيت، وتبدأ المدافئ عملها على مدار اليوم، ويتدثر البشر أثناء نومهم بألحفة مضاعفة. أما صباحاً فالماء المتجمد مشكلة كبيرة، في الشوارع والسيارات وصنابير الماء.. وأذكر قبل زمن السخانات الكهربائية كم عانينا في الصباحات لغسل الوجه واليدين قبل الذهاب إلى المدرسة.
الحالة تلك هي ذاتها التي يعيشها كل مهجر هذه الأيام، مع فارق المكان، وغياب الخدمات الأساسية، ولا خيار إلا ترقب المعونات الإغاثية وما يبذله أهل الخير. والغريب في الأمر أن المتسبب في حالتهم الكارثية لا يكتفي بالصمت والفرجة ويترك المساعدات تذهب لمستحقيها، بل يعرقل وصولها مستخدما تزايد أعداد اللاجئين والمهجرين للضغط على العالم كي يقتنع بأنه الخيار السليم لعودة الأمن.
كتبت سابقا وأعيد، من غير المعقول في هذه الظروف أن يظهر من يلومون مانحي المساعدات للاجئين السوريين، لا لسبب سوى أنهم يريدون أكثر، مستدلين بأن الدولة المانحة أنفقت مبلغ كذا في كذا.. وغاب عنهم أن النظام والمعارضة ومن دخلوا البلاد من الدواعش ومن ينهبون باسم الإسلام.. كلهم لم يمدوا اليد لأحد، فهل تلام دولة متبرعة على مساعداتها، أم تراهم يريدون منها أن توقف تنميتها واحتفالاتها في أراضيها لترقيع جرائم ارتكبها الآخرون.
باختصار، لو أن النظام السوري أدار بلاده بالوعي والمحبة لما كان هناك لاجئون ومشردون، ولما جاءت “هدى” لتقيم “عرس المجانين في كانون” وتبث هذا الهلع الذي نتابع أخباره خوفا على مساكين لا ذنب لهم سوى أنهم عاشوا في تلك البلاد أباً عن جد.
المصدر: الوطن أون لاين
http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=24592