مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
عرفنا السينما في وقت مبكر جداً، ذكرت أمي أنهم أيام سكنهم في منطقة (الراس) في ديرة، كانت عائلة من تجار دبي تسكن بالقرب منهم، وكان رب هذه العائلة يعرض أفلاماً هندية وأجنبية في فناء بيته على قطعة قماش تنعكس عليها صور الممثلين وأحداث الفيلم، وهو من أخبرهم أن هذا يسمى سينما، كان ذلك في سنوات الخمسينيات، وأمي في تلك السنوات طفلة صغيرة.
بعد مرحلة السينما المنزلية التي عرفها سكان دبي بواسطة بعض التجار والأسر الثرية، ظهرت السينما التجارية، وأول ظهور لها كان سنة 1953، حيث أنشأ رجل الأعمال الكويتي مرشد العصيمي، أول دار عرض سينمائي في دبي، وأطلق عليها سينما الوطن، والتي كانت تقع في المكان المعروف حالياً بميدان بني ياس المعروف قديماً بميدان جمال عبدالناصر، وكان افتتاحها في تلك السنوات يعد شيئاً متطوراً جداً، حيث لم يسبق أن شهدت المنطقة مثيلاً له، ما عدا سينما تحمل اسم «المحطة» في إمارة الشارقة، تأسست سنة 1945، للجنود الإنجليز فقط.
بعدها دخل التلفزيون إلى بيوتنا، فنظر له البعض أنه سينما مصغرة، وأذكر أننا في أواخر المرحلة الابتدائية كنا نتحدث عن فيلم السهرة العربي الذي كان يعرض في التلفزيون نهاية الأسبوع، كنا قد أصبحنا في منتصف سنوات السبعينيات تقريباً وصرنا أكثر معرفة وارتباطاً بنجوم السينما المصرية وأفلام الأبيض والأسود، وتلك الأفلام على بساطتها إلا أنها كانت علامات مهمة في تاريخ السينما خلال المائة عام الماضية.
أفلام الأبيض والأسود تلك قادتنا لقراءة الأعمال الروائية التي شكلت أساساً للعديد من الأفلام وتحديداً روايات إحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي ونجيب محفوظ وطه حسين (أرض النفاق/ لا أنام/ الباب المفتوح/ دعاء الكروان/ بداية ونهاية) وكثير غيرها من إنتاج سنوات الستينيات التي تفتح وعينا عليها باكراً.
اليوم الأفلام كما المسلسلات لا تقدم شيئاً سوى القليل من الإثارة والإبهار والتقنيات، ولا تسأل عن المضمون، هذا لا ينطبق على السينما العربية فقط فكثير من نتاجات هوليوود لم يعد له تلك الصبغة العظيمة التي وسمت أفلام الخمسينيات وحتى نهاية التسعينيات!
المصدر: البيان