أتعامل كثيراً مع سؤال صار عندي معتاداً: وهل انتهت قضايا البلد حتى تكتب في هذا الموضوع؟ لا يا أخي! لم تنته قضايا البلد ولن تنتهي. وهي كثيرة وشائكة ومهمة.
لكن ماذا تريدني أفعل؟ هل أكتب كل قضايا البلد، الكثيرة والشائكة والمهمة، في مقالة واحدة؟ هل أناقشها جميعها في يوم واحد؟ ثم أتوقف بعده عن الكتابة لأنني قد كتبت وعالجت كل قضايا البلد في مقالة واحدة؟ لا حل أمامي غير هذا. لأني إن كتبت عن قضية واحدة لا بد أن «ينط» أحدهم محتجاً: وهل انتهت قضايا البلد حتى تكتب في هذا الموضوع؟
كتبت عن أهمية الحوار بين تيارات المجتمع المختلفة جاءني من يسأل: وهل انتهت قضايا البلد؟ وآخر اقترح أن أكتب عن البطالة. أقسمت له أنني كتبت – وكتب غيري – كثيراً عن البطالة. هل أخصص يومياً مقالاً عن البطالة؟ ومع ذلك فلن أسلم وسيأتي من يسأل: ذبحتونا بالبطالة، ماذا عن سوء الطرق؟
البعض – معذوراً – يرى في قضيته «أم القضايا». وما غيرها لا يستحق الكتابة والاهتمام. هذا خطأ. قضيتك مهمة. لكن قضايا غيرك أيضاً مهمة. والموضوع الذي لا يشكل عندك أهمية ربما كان من أهم القضايا عند غيرك. وما تراه أنت هامشياً ربما كان عند غيرك أساسياً. وما قد لا أتمكن من الكتابة عنه اليوم قد أكتب عنه غداً. أو لعل غيري من الكتاب المؤهلين قد كتب عنه وأشبعه نقاشاً وإهتماماً.
أنت اليوم في زمن يوفر لك خيارات كثيرة. فأنت لست مضطراً أن تنفعل غاضباً إن قرأت ما لا يتفق مع رأيك أو ما لا يتناول همك. ستجد في ذات المنبر وفي غيره عشرات البدائل من كتاب وأفكار وقضايا. خياراتك كثيرة فلماذا تختزلها في خيار واحد؟
طلبتك: اعفني اليوم من سؤالك: وهل انتهت قضايا البلد؟
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٣٤) صفحة (٣٦) بتاريخ (١٦-٠٤-٢٠١٢)