لا يمكنني أن أتخيل اتحاداً خليجياً حقيقياً ما لم تتحقق عبره مصالح مباشرة لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي. مواطني دول المجلس هم من يصنع الاتحاد الحقيقي. ومصالحهم المباشرة هي أكبر ضامن لهذا الاتحاد.
لا يكفي أن يقرر أهل السياسة نيابة عن مواطنيهم في زمن ينادي فيه شبابه بالمشاركة في صنع القرار وبالتحديث السياسي وتطوير أدوات الإدارة والقيادة. ولا يمكن لاتحاد أن يبقى قوياً متماسكاً مالم تحرسه وترعاه مصالح الناس الحقيقية.
لا أفهم كيف نتحدث عن اتحاد خليجي بينما السعودي المقيم أو المستثمر في دبي يدفع فواتير الكهرباء والماء لبيته و مصنعه مثله مثل مقيم قادم من آخر الدنيا وليس مثل جاره الإماراتي الذي يدفع أقل. ولا يمكن أن أتصور قيام اتحاد حقيقي و المواطن الإماراتي لا يدخل السعودية إلا بجواز السفر وليس ببطاقة الهوية. ولا يمكن قيام اتحاد حقيقي من دون مساواة في الامتيازات و الواجبات بين مواطني دول المجلس.
و بعد ذلك، ما الذي يقصده أهل السياسة في الخليج بالاتحاد؟ هل سنرى وزير خارجية خليجي واحد؟ ووزير دفاع واحد؟ وسفير خليجي واحد في كل عاصمة خارج الخليج؟
أكتب هذه «المغامرة» قبل يوم من انعقاد القمة التشاورية وليعذرني القارئ الكريم إن كانت أسئلتي هذا الصباح خارج النص. لكنني مهتم كثيراً بفكرة الاتحاد. وأشك كثيراً في إمكانية تحقيقها. ويقلقني شعور قطاع واسع من أبناء الخليج أن هذه الحركة باتجاه الاتحاد ليست سوى صدى لتهديدات إقليمية. ومن إحباطات الماضي لا نستغرب أن يشك أبناء الخليج أن «الاتحاد» مجرد «حماسة» مؤقتة سيخف وهجها بزوال الخطر.
الاتحاد فكرة مهمة. لكن تحقيقها مرهون ببناء منظومة ضخمة من المصالح المشتركة بين مواطني دول مجلس التعاون. وتلك هي الضمانة الحقيقية لقيام الاتحاد. أما ما عدا ذلك فلا يعدو سوى وعود طيبة ونوايا حسنة!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٦٣) صفحة (٣٦) بتاريخ (١٥-٠٥-٢٠١٢)