باحث إماراتي
لطالما ظلت مسألة التفتيش معضلة شائكة أمام الوصول إلى اتفاق بين إيران ومجموعة 5+1. فبالإضافة إلى تفتيش المواقع النووية كانت هذه المجموعة ومن ورائها الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصر على السماح بتفتيش المواقع العسكرية خاصة بعد ذلك الانفجار الهائل، الذي حدث في موقع «بارتشين» العسكري في إيران لتتجه الأنظار إلى ما يمكن أن تخبئه المواقع العسكرية الإيرانية من تجارب لها ارتباط بالبرنامج النووي الإيراني.
نسير مع القارئ هنا لتسليط الضوء على مخرجات خطة العمل المشتركة بين إيران و5+1 وتحديداً في جانب التفتيش على المنشآت.
والمتابع للخطوط الحمراء الإيرانية يدرك أن عملية تفتيش المواقع العسكرية تعتبر جنباً إلى جنب مع حق التخصيب من أعتى الخطوط الحمراء التي رفض النظام الإيراني التنازل عنها مقارنة ببقية الخطوط الحمراء الأخرى. ومع توقيع الاتفاق جاءت المعلومات لتشير إلى أن المواقع العسكرية الإيرانية غير مستثناة من التفتيش وسوف تخضع له.
ما تقدم يأتي مغايراً للتصريحات الإيرانية السابقة واللاحقة، والتي تؤكد الرفض القاطع للسماح بالتفتيش لغير المنشآت النووية. فالتصريحات السابقة جاءت من المرشد الإيراني برفض التفتيش، وكذلك مقابلة العلماء النوويين الإيرانيين، وسار على شاكلتها بقية المسؤولين. والتصريح الوحيد الذي ظهر فيه نوع من المرونة قبل الاتفاق قد جاء من وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بقوله إنه تم التوصل إلى مقاربات في موضوع التفتيش ولإيجاد تصور وصيغة أخرى.
يتساءل القارئ: ما ذلك التصور؟
دعونا بداية نرى التصريحات الإيرانية اللاحقة للاتفاق ماذا تقول عن مسألة التفتيش. علي ولايتي، مستشار المرشد، ينهي جملته التي بدأها في هذا الشأن بأنه «كلام نهائي» فما هو هذا الكلام النهائي؟ «الدخول إلى المواقع العسكرية الإيرانية وتفتيشها ممنوع». مسعود جزائري نائب رئيس الأركان الإيراني يطالب الولايات المتحدة بالتخلي عما أسماه بالهذيان حول تفتيش المواقع العسكرية.
يختزل عباس عراقجي مساعد وزير الخارجية وكبير المفاوضين الإيرانيين عملية التفتيش في تصريحه التالي: «تمت صياغة آلية معقدة لعمليات التفتيش والتفقد، بحيث لا تمس المصالح العسكرية والأمنية لإيران، وأنه تم اختبار هذه الآلية والموافقة عليها بعد التشاور مع المسؤولين العسكريين، والأمنيين في إيران».
والتساؤل من جديد هنا، إذا كان الأمر كذلك فلماذا يبدي العسكريون الإيرانيون رفضهم القاطع للتفتيش؟ لعل بنود التفتيش، التي جاءت في الاتفاق هي من تعطي للمسؤولين، هذا الموقف الصارم، والتي تتمثل في التالي:
– أن يكون طلب التفتيش نابعاً عن نوايا حميدة، وأن يبقى في حدود ضيقه.
– ألا يستهدف طلب التفتيش التدخل في المنشآت العسكرية الإيرانية.
– يطلب خلال القيام بعمليات التفتيش، أخذ كل الاحتياطات اللازمة لحماية الأسرار التجارية والصناعية والتكنولوجية من قبل الوكالة الدولية.
– تقدم الوكالة عند طلب التفتيش للسلطات الإيرانية الأساس، الذي استندت عليه في الطلب، وماهية الإيضاحات التي تريدها بهذا الصدد.
– تقدم السلطات الإيرانية الإيضاحات اللازمة، فإن كانت غير كافيه لحل ما يقلق الوكالة، فإن هذه الأخيرة قد تطلب السماح لها بالدخول لتلك المواقع.
– تقدم الوكالة الدولية طلباً كتابياً لدخول المواقع، موضحة فيه أسباب طلب الدخول.
– لإيران الحق في عرض مقترحات من شأنها تقديم إيضاحات للوكالة من دون تنفيذ الزيارة المطلوبة وذلك خلال مدة 14 يوماً.
– إن عجزت المقترحات الإيرانية عن تقديم الإيضاحات المطلوبة، تقوم إيران بالتشاور مع اللجنة المشتركة (لجنه تضم ممثلين عن الأطراف الثمانية 5+1، إيران والاتحاد الأوروبي) للبحث عن وسائل أخرى تلبي مطالب الوكالة بعيداً عن التفتيش.
– في حال غياب هذا التوافق يقرر أعضاء اللجنة المشتركة خلال 7 أيام بالإجماع أو بتصويت الأغلبية المطلقة لتقديم الإرشاد والنصح اللازم للطرفين بما يلبي تقديم الإيضاحات المطلوبة للوكالة.
– تقوم إيران باتخاذ الخطوات الضرورية خلال 3 أيام.
فهل بعد ما تقدم سيكون هناك تفتيش؟ وهل إن حدث سيكون مجدياً بعد إعطاء هذه الفسحة من الوقت؟
المصدر: الاتحاد