مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
كتب أحد الأصدقاء واصفاً علاقات الصداقة التي تتكون من خلال مواقع التواصل، بأنها ليست سوى محاولة خاوية يؤسّسها الناس عبر الفضاء الإلكتروني لأنهم يعانون من فقر حقيقي في صلاتهم وعلاقاتهم الواقعية، لذلك يستعيضون عن (الملموس بالمحسوس، ويتشبثون بالبديل البعيد) مثل إنسان يؤسس ثروة بالاقتراض لا أكثر!
هناك أسئلة كثيرة يمكن طرحها على هذه الظاهرة، فهذه العلاقات الناشئة من التواصل بين ملايين البشر عبر المواقع والتطبيقات قد ترتقي فعلاً لمرتبة الصداقة، والحب، وقد ينتج عنها صداقات وعلاقات وزيجات كذلك، لكن نجاح هذه العلاقات أو فشلها أمر آخر، لا يصح واقعياً وعلمياً تعميم نتيجة واحدة عليها جميعها، فهناك صداقات وعلاقات حقيقية وناضجة كذلك قد تنشأ فعلاً من الممارسات التفاعلية التي تتيحها مواقع التواصل لأعضائها ومتابعيها، كوضع علامات الإعجاب أو كتابة التعليقات والمشاركة بالرأي… إلخ!
فعلى حساباتنا جميعاً هناك مترددون ثابتون، نجدهم أول من يبادر بالتفاعل والتعليق، وإذا تغيب يوماً سألوا عنك وتفقدوا سبب غيبتك، فإذا حلت ذكرى يوم ميلادك غمروا صفحتك بالورود والتهاني وأحياناً يفاجئك بعضهم برسائل وبطاقات وورود تجدها على باب منزلك، فلا تستغرب، إن القلوب إذا أحبت تفانت، والإنسان كائن باحث عن الألفة والمحبة، أنّى وجدهما سعى إليهما، قد لا يحبك كل الآلاف التي تتابعك، وبالتأكيد لن يكونوا جميعهم أصدقاءك، أنت لا تبحث عن ذلك حتماً ولا تتوقعه، لكنك لا تستغرب أن تتكون علاقة صداقة حقيقية بينك وبين روح تشبهك في أشياء كثيرة، كما لن يكون مستبعداً أن تسعيا كلاكما لإخراج هذه الصداقة من صندوقها الافتراضي لتعيشاها حقاً وصدقاً على أرض الواقع!
صفحات السوشيال ميديا ليست سوى فضاء أو أرض مشتركة يمكن أن يلتقي فيها أو عليها جميع الناس، ومن بين آلاف تلتقيهم يمكن لواحد أو اثنين أو حتى عشرة أشخاص أن يكونوا زملاء أو أصدقاء تفتقدهم وتبحث عنهم وتسافر للقائهم، وهذا لا يعني أبداً أنك تعيش حالة تعويضية أو وهمية، كل ما يتطلبه الأمر هو الكثير من الحذر لا أكثر!
المصدر: البيان