كاتب سعودي
تقول الطرفة التي ينقلها المهندس خالد الدريس «امرأة سعودية تسأل الشيخ: في نهار رمضان في المطبخ بين الزيوت ورائحتي كلها زيت، وأعاني من الحر الشديد، وأتلفّت خوفاً على الأطفال، ثم ينزل «أبو فنيلة وسراول» قبل المغرب عيناه منتفختان من كثرة النوم، ويفتح القدور والفرن ويقول: بس هذا اللي طبختوه، السؤال يا شيخ: هل يجوز قتله؟».
الطرفة نسائية المنشأ، خيالية الصورة، فلو كانت النساء تغرق في رائحة الزيت، لما وصلت بورصة العاملات المنزليات إلى آلاف الريالات في هذا الشهر الفضيل، ثم إنهن يتحملن مسؤولية إيصال المذكور إلى هذه الحالة الغذائية الهستيرية بتنافسهن الذي أدى إلى وجود أوانٍ وتجهيزات منزلية للمطبخ خاصة بالشهر الفضيل.
لا أدري هل هو التنافس بينهن، أم أنها خدعة رجالية جعلتهن يصدقن أن صيامه يكاد يميته من الجوع، أو هي أصبحت ثقافة مشتركة بينهما، جعلت كميات زيوت القلي المستهلكة في هذا الشهر الفضيل تكفي لتشغيل نصف محركات الطاقة التي تمد مراكز الأبحاث الغذائية والدوائية في الدول المتقدمة، بل وأقول في الدول الإسلامية المتقدمة، التي قدمت إشباع العقل على إشباع البطون، وتأكل لتعيش وليس العكس.
وعوداً على طلب الفتوى أعلاه، فلا بد من الاعتراف بأن الرجال يسجلون أعلى معدلات الأنانية في هذا الشهر الفضيل، فيكفي أنه «مداوم» في رمضان، وكأنه يقوم بالأشغال الشاقة المؤبدة في مكتبه الذي يقضي نصف وقته فيه يتسوك ويقرأ الصحف، ويخبر الجميع أنه صائم.
الوصول إلى مرحلة القتل يجب ألا يكون في اتجاه من لا يقدر أعمالك المطبخية الجليلة يا سيدتي، آلة القتل الحضارية يجب أن توجه إلى عقلك أنت أولاً، فتفرضين على الأسرة بمن فيهم الزعيم ذو الملابس المنزلية الجميلة والملونة أن يصوموا حقاً، أن يكون التمر واللبن وقليل مما تيسّر هو سمتهم الغذائية في هذا الشهر.
تريدين أن تعرفي من المذنب حقيقة؟ اشتري ميزان دقيق، سجلي أوزان جميع أفراد الأسرة مطلع الشهر، وآخره، فإذا نجحت في إنقاص أوزانهم فأنت تستحقين التقدير والإعجاب، وسنسأل الله لك مزيداًً من الثواب، أما إذا زادت، وهو ما أتوقعه، فمن حقهم الاستفتاء أيضاً حول جريمتك الغذائية الثقافية فيهم.
شخصياً أعتقد أن قتله لا يجوز، ولكن الإضراب عن الطبخ له يومين متتاليين في رمضان جائز، ويستحب أن يكون اليوم الثالث مشاركاً في مركز العمليات بين الزيوت التي «زحلقت» كثيراً من رشاقة مجتمعنا الجسدية والفكرية.
المصدر: صحيفة الحياة