تلعب الأعمال السينمائية والدراما الأميركية خلال الانتخابات الرئاسية، دوراً كبيراً في صناعة الرئيس القادم، في وجدان الشعب الأميركي. ففي عام 2008 ظهرت فرضية تقول بأن هذه الأعمال مهدت الطريق لظهور رئيس أسود لأول مرة في تاريخ البلاد، وهو باراك أوباما. ومن بين من جسدوا شخصية الرئيس الأسود، الممثلون السود: دينيس هيسبرت في فيلم «24 ساعة»، وكريس روك في «رئيس الدولة» ومورغان فريمان في فيلم «الرئيس». ويعتقد الكثير من المحللين أن أوباما لم يكن ليصبح رئيساً للبلاد، لو لم تهيّئ هذه الأفلام الرائعة الأمة الأميركية لهذا التحول الكبير.
ويتساءل كثيرون ما إذا كانت ثقافة موسيقى البوب تعمل أيضاً على تهيئة الأرضية المناسبة للمرشحين المقبلين للدخول الى البيت الأبيض، وفي هذه الفترة من الانتخابات الرئاسية يتوقع الكثيرون أن يكون الرئيس الأميركي مختلفاً في بعض الجوانب: فهناك أول امرأة اميركية قد يحالفها الحظ للدخول الى البيت الأبيض، وهي هيلاري كلينتون، ومن بين المرشحين رجل ذو أصول لاتينية، وهو بيرني ساندرز، وهناك أيضاً ملياردير، وهو دونالد ترامب.
ولنبدأ بكلينتون، إذ يعتقد النقاد أن فكرة أن تصبح امرأة رئيسة للبلاد يشوبها التشويش في السينما الأميركية، وممن جسدن دور الرئيسة في تلك الأفلام هن جينا ديفز في فيلم «القائد»، وشيري جونز في فيلم «24 ساعة»، وجوان ريفرز في «ليز باتيرسون تنقذ العالم»، وبغض النظر عن الجاذبية السياسية الغامضة، التي تتمتع بها هذه الشخصيات النسائية، فإن دور أي منهن لا يتناسب مع كلينتون، وفي ما يتعلق بفيلم «القائد» فإن ديفز لم تربح الانتخابات، بل اصبحت نائبة للرئيس، وصارت رئيسة بعد أن توفي رئيس البلاد بالسكتة القلبية، ويعتقد البعض أن مثل هذا الدور يناسب المرشحة لدور نائب الرئيس، سارة بالين في انتخابات 2008.
ويعتقد النقاد أن ما ترغب فيه كلينتون هو دور شيري جونز في فيلم «24 ساعة»، الذي يناسبها كثيراً، فهي شخصية محترمة، رزينة وعاقلة، لم تتأثر بعقود من التشهير السياسي. وعبرت الممثلة جونز بصراحة عن امنياتها في أن يمهد دورها لقدوم رئيس أنثى للبلاد، مثلما مهد دور هيسبرت لظهور رئيس أسود.
ويبدو أن هوليوود في الوقت الراهن عاكفة على حفر قبر آمال كلينتون بدلاً من تمهيد الطريق لها لدخول البيت الأبيض. ونجد أن فيلم «العاب الجوع» بطولة جولياني مور، يعكس هذه الفرضية، حيث تكشف «الما كوين»، التي تجسد شخصيتها مور، عن وجهها الحقيقي بمجرد اقترابها من العرش، أو بالأحرى البيت الأبيض، ليكتشف الجميع أنها لا تهتم سوى بالثأر.
أما ساندرز فيبدو أكثر ارتياحاً من خصمته كلينتون، فهو بالنسبة للسينما «ذلك الرجل الدخيل الذي سيقلب فرضية البيت الأبيض رأساً على عقب»، ويعكس ذلك المسار الحالي للسينما الأميركية، ويمكننا هنا أن نذكر فيلم للمخرج فرانك كابرا «السيد سميث يذهب الى واشنطن»، ويبدو أن ساندرز يشبه سميث جيفرسون في كثير من الجوانب، و«الذي اصبح عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي بدعم من السيناتور جوزيف بين، الا أن بين لم يكن رجلاً شريفاً كما هو متوقع، وحاول جهده من اجل افشال مشروع تقدم به جيفرسون لبناء مجمع للصبيان في مكان يريد فيه بين انشاء مشروعات مربحة، واضطر جيفرسون للوقوف في وجه بين ورفاقه الفاسدين، وقدم جيفرسون قضيته أمام مجلس الشيوخ».
ويبدو أن المرشح ترامب هو نسخة من الشخصية السينمائية «بيف تانين» في فيلم العودة إلى المستقبل، وهو ذلك «الفتوة»، الذي يكسب ثروة فاحشة ليس بجدارته الخاصة، ويؤسس كازينو ضخماً. مرة أخرى، فهذه الشخصية لا تعكس صورة جميلة، ولكنها واحدة من الصور الراسخة في الوعي الشعبي منذ عقود، فهي تجعل المشاهد يتساءل ما إذا كان ترامب عاد الى الماضي ليضع نفسه داخل سيناريو الفيلم.
ولكن هناك أيضاً ترامب الأكثر شؤماً، في الأفلام الكرتونية: ليغو، رئيس الشركة، ورب العمل اكا، يعيش في ناطحة سحاب عملاقة، له شعر مثير للسخرية، لا يؤمن بالتفكير الجماعي، ومناهض للفكر الحر داخل نظامه الشمولي الذي لا يوصف صراحة بأنه «اشتراكي»، ولا توجد ليغو مسلمين في الفيلم، لأنهم رحلوا بالفعل «لبنة لبنة».
المصدر: صحيفة الإمارات اليوم