كاتب و مدون سعودي
لا يمكن النظر لما حدث ليلة اليوم الوطني، من قتل شاب وجرح آخر من قبل كوادر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باعتباره حالة فردية وخطأ غير مقصود، فالمطاردة التي شهدتها شوارع الرياض ليلتها تجاوزت في مخيلتنا كل مشاهد الإثارة الدرامية التي اختزنتها مخيلتنا من أفلام المطاردات الأميركية ومطاردات العصابات.
لن أناقش الأسباب التي قد تكون دفعت تلك الكوادر لمطاردة الشابين، وصدم سياراتهم مرارا حتى دفعتها للسقوط من مرتفع ومن ثم الهروب من المكان، ليلقى شاب حتفه ويبقى الثاني في العناية المركزة، وأدعو الله أن يلطف به، ولكني سأناقش وأطرح مجموعة أسئلة لا بد من تناولها والتعاطي معها رسميا وشعبيا للحد من التجاوزات التي يقوم بها بعض المنتسبين لهذا الجهاز من أجل تحويله من جهاز يرى نفسه أنه فوق القانون إلى جهاز يخضع للقانون ككل مؤسسات الدولة.
لا بد من الاعتراف أولا أن الأنظمة الداخلية للهيئة لا تعتمد المحاسبة الداخلية وفق الأسس المطبقة في باقي المؤسسات الأمنية، والتي تتضمن المحاكم العسكرية أو السجن الانفرادي، وهو أمر ينبع في تقديري من كون الهيئة لم تكن في الأساس مؤسسة أمنية عسكرية بل مؤسسة فكرية تسعى لتطبيع أجندة حياة وليس تطبيق نظام أمني.
لست أفهم إلى يومنا هذا السبب الذي يجعل الهيئة جهازا مستقلا في حال سلمنا أن دورها هو أمني كما يقول البعض، فلو كان كذلك لم لا تكون الهيئة إحدى إدارات وزارة الداخلية وتعمل وفق أنظمتها ليدخل الانضباط واحترام القوانين قاموس تلك الكوادر؟.
ما بين الإصلاح الداخلي الحقيقي، وما بين الترويج الإعلامي التسويقي تكمن إشكالية الاعتماد على دواء المسكنات في التعامل مع الأسئلة الجوهرية لكيان الهيئة وعمله وأهدافه الاستراتيجية ودوره في الارتقاء بالمجتمع، وأين تذهب ميزانيته وأحقية أقلية في العمل دون رقيب في تجنيد الداخل لخدمة أجنداتها الفكرية. إن كان الجهاز للأمر بالمعروف فلماذا تشبه سياراتها المدرعات العسكرية، وإن كان لهم قبول بين الناس فلماذا يرافقهم عسكري؟ وإن كانت الأخطاء قليلة فلماذا ارتبط كيانهم بالتجاوزات، كلها أسئلة تصب في خانة أن هذا الجهاز يجب أن يخضع للمساءلة وإعادة تقييم وتخطيط لدوره الحقيقي في المجتمع.
المصدر: الوطن أون لاين