كاتب سعودي
بينما كنت أتصفح موقع تويتر وجدت «هاشتاقا» حماسيا يقول (نطالب بجلد لجين الهذلول) ولم أستطع فهم هذه الحماسة للمطالبة بجلد لجين وسحب جنسيتها، ولكن على الأغلب فإن ذلك بسبب آرائها المتعلقة بقيادة المرأة للسيارة أو تصريحاتها الجريئة لوسائل الإعلام الأجنبية، بخصوص أحوال المرأة السعودية، وقد قرأت في هذا الموقع من قبل هجوما بذيئا عليها وعلى زوجها المدون المعروف فهد البيتري بسبب عدم تقبل البعض لهذه الآراء، هكذا بكل بساطة نجلد سيدة ما لمجرد أن آراءها لم تعجبنا وكأنها إذا صرحت بهذه الآراء فإن تصريحاتها ستتحول إلى قوانين وأنظمة وتشريعات وليست آراء مواطن عادي يعبر عن قناعاته الشخصية.
واذا كانت لجين في لعبة التصنيف العشوائي المحلي تصنف باعتبارها (ليبرالية) لمجرد أنها طالبت بقيادة المرأة للسيارة، فإن هواية استعداء السلطة ضد المختلف قد طالت الكثير ممن يصنفون بأنهم ( إسلاميون ) أو محافظون، حيث تهاجمهم أصوات من الطرف الآخر وتطالب بسجنهم أو طردهم من وظائفهم، وبهذا نكون من الشعوب القليلة في هذا العالم التي ترى أن اختلاف الآراء يجب أن ينتهي في وزارة الداخلية!.
ونحمد الله أن الداخلية – والحكومة بشكل عام – لا تأخذ بمثل هذه المطالبات العاطفية العجيبة ولا تلقي لها بالا وتعمل وفق مناهجها الواضحة وإلا لكانت ندوات الحوار الوطني تدار في غياهب السجون!.
ما الذي يزعجنا في أن يقول أحدهم رأيا مختلفا عن ذاك الذي نحن مقتنعون به ؟ ، ولماذا نفترض أننا أدرى بمصلحة البلد أكثر منه وأننا نملك فيها أكثر مما يملك؟، إذا كان ما يقوله حقا فإن رأيه سينتصر في النهاية مهما حاولوا سحقه، واذا كان ما يقوله باطلا فسوف يتبخر رأيه مع مرور الأيام وكأن شيئا لم يكن، لماذا نعادي الرأي الآخر ونبحث فجأة عن ( السيف الأملح ) كي نخفيه من الوجود؟!.
وكي أوضح وجهة نظري أكثر أقول بأنني لا أرى بأسا في النقاشات الساخنة وحتى الملاسنات الحادة بين الأطراف المختلفة، فاختلاف الآراء من سمات المجتمعات الحية ومن علامات تطورها، ولكن تطور الخلاف إلى الهجوم البذيء عبر شبكات التواصل الاجتماعي واستعداء السلطات ضد من يختلفون معنا في الرأي هو التخلف بعينه ومثل هذه الأساليب البائسة في الحوارات العامة تتحول إلى شروخ تشوه وعي المجتمع وتجعله عاجزا دائما عن فهم مشكلاته الحقيقية بل وغارقا فيها إلى ما لانهاية.
ما الذي سوف نستفيده إذا جلدت لجين أو تم سجن ناشط آخر لاعتقادنا بأنه (أخونجي) مثلا ، هل سترتفع أسعار البترول ؟ ، هل ستحل مشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية، أم أننا سنبقى على حالنا نجلد كل صوت مختلف ثم ننام ونصحو على ذات الحال ؟! .
المصدر: عكاظ