كاتب سعودي
يمتلك الزميل صالح الشيحي مهارة في التقاط أفكار مقالته اليومية أو شبه اليومية بقدر يثير معه الغبار ويحرك دوائر الكلام، فقد طرح الأستاذ صالح قبل أيام فكرة جديرة بالنقاش، وهي أن يتخلى أو يمنع الأمراء من تولي رئاسة الأندية الرياضية، ويرى أن وجود الأمراء على رأس أبرز الأندية السعودية سبب رئيس في الاحتقان الجماهيري وزيادة وتيرة التعصب.
وعلى نفس المسار، فإنني أتفق مع الزميل الشيحي وأشكره أن جعلني أتجاسر لأقول إن التحكيم يفقد مصداقيته بما يهز ثقة الجماهير في الحَكَم المحلي، وهم يرون أنه لا يملك الحصانة ولا القوة ولا السلطة التي تخوله طردَ رئيس النادي الذي ينزل إلى وسط الملعب ويدخل مع الحكم المغلوب على أمره في جدل ونقاش حاد من طرف واحد.
وعليك أن تتخيل هذا القاضي والحكم الذي يخضع لسطوته اثنان وعشرون رجلا داخل الملعب، ومثلهم آخرون يقبعون على دكة الاحتياط، ويملك هذا الحكم سلطة رفع “الكارت” الأحمر في وجه كل رجل من هؤلاء حين يتجاوز حدود القانون والانضباط، وينصاع لأوامره كل هؤلاء النجوم الذين يحظون بعشق هذه الجماهير المحتشدة في المدرجات.
لكن هذه السلطة وهذه السطوة وهذه الهيبة تضمر وتصغر وتصمت وتنصت خاشعة ذليلة لكل جوارح الكلام، ولكل السبابات المرفوعة في وجهه التي تكاد تخرق عينه أمام أصغر أمير بدرجة: رئيس ناد.
فبالله عليك كيف تتوقع منه أن يستخدم سلطته الضامرة في مواجهة الأمير، وهو يرى هذا الرئيس ينهر رجل الأمن المخول بحفظ النظام ولا يجد من يردعه ويرد الاعتبار إلى هذه السلطة الأمنية المنتهكة داخل الملعب.
إن مقتضى الأمانة والإنصاف يوجب الإشارة إلى أن أكثر رؤساء الأندية هم من غير الأمراء، وأن أكثر الرؤساء الأمراء يتميزون بالتهذيب ويتسمون بالخلق الرفيع، لكن التجاوز الفردي والنادر الذي قد يمارسه أحدهم أمام أنظار المشاهدين داخل الملعب وأمام الشاشة هو السوسة التي تنخر في جسد الهيبة الافتراضية لسادة الملاعب وقضاتها، خاصة أن أي تجاوز في حق الحكم لا يقابله عقاب، فإن أثره السلبي يمتد إلى التشكيك في كل قرار تحكيمي يعقب ذلك، وما لمسناه من أخطاء تحكيمية في مباراة النصر والخليج ينسبه البعض إلى تأثيرات الرهاب والخوف التي زرعتها أحداث المباراة التي قبلها، والأمثلة التي يمكن استذكارها لحالات وتجاوزات كهذه هي التي تعزز من فكرة تأييد دعوة الزميل الشيحي للإبقاء على الأمراء كأعضاء للشرف، يدعمون أنديتهم المفضلة حتى يتحقق لهم من خلال العضوية بعض الحضور الاجتماعي واكتساب الشهرة والنجومية التي يبحثون عنها، لكن بما لا يؤثر سلبا على الوتيرة الاعتيادية والطبيعية المفترضة لرئيس النادي من خارج هذه الدائرة.
لا بد أن نكون على قدر من الجرأة والشجاعة لاستصدار قرار معلن أو غير معلن، بعدم السماح لأي من أفراد الأسرة المالكة من ترأس الأندية الرياضية، كي يكون المشرع بمنأى عن الحرج في إصدار وتطبيق العقوبات في حق كل المتجاوزين حدودهم في ملاعبنا الرياضية، سواء كان ذلك في أرض الميدان أو عبر وسائل الإعلام.
أرفع صوتي كما قال الشيحي: أبعدوا الأمراء عن الرياضة، لتفلحوا.
المصدر: الوطن أون لاين
http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=25311