كاتب إماراتي
لا تتسم إدارة أوباما بالتردد فقط، وإنما بالتأخر الشديد أيضاً، فبعد أن مضى ما يقارب السنوات الست في البيت الأبيض، ولم يبق له سوى سنتين، قرر الرئيس الأميركي الاهتمام بأفريقيا، ودعا إلى عقد قمة أميركية أفريقية في بداية شهر أغسطس الجاري بغياب رئيس أهم دولة أفريقية وعربية، حيث اعتذر الرئيس المصري عن قبول الدعوة بسبب طريقة تقديمها، ما قلل من قيمة هذه القمة ذات الطابع الاقتصادي بصورة أساسية.
التوجه الأميركي نحو القارة السمراء جاء متأخراً كثيراً، وذلك بعد أن استثمرت الصين على مدى عشرين عاماً أكثر من 20 مليار دولار، وهيمنت على العديد من قطاعات الإنتاج الخاصة بالموارد الطبيعية هناك، وعززت من وجودها إلى درجة أضحت معها صعوبة دخول الأسواق الأفريقية دون تعاون مع الشركات الصينية، وبالأخص في قطاعات الطاقة والتعدين واستخراج الثروات الطبيعية الكثيرة التي تزخر بها العديد من البلدان الأفريقية.
لقد كان هناك خلال العقد الماضي اهتمام أميركي بأفريقيا، إلا أنه تركز في الاهتمام العسكري الذي تمخض عنه إنشاء قيادة أميركية مركزية للقارة الأفريقية، ما يعني زيادة الإنفاق العسكري وتحمل أعباء إضافية دون عوائد اقتصادية على عكس التوجه الصيني، الذي يهتم أساساً بالجوانب الاقتصادية، مع عدم إهمال الجوانب الأخرى.
ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة تنطلق من المثل الإنجليزي الذي يقول «أن تبدأ متأخراً خيراً من ألا تبدأ أبداً»، وهذا ما أكده الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في المؤتمر عندما قال: «إن الولايات المتحدة بالكاد خدشت سطح الفرص الاستثمارية في أفريقيا، والقارة السمراء تمثل فرصة للشركات الأميركية». من جهته جمع سيد البيت الأبيض 90 شركة أميركية، بما فيها الشركات الكبيرة، كجنرال الكتريك وول مارت، وذلك إلى جانب زعماء البلدان الأفريقية ورؤساء كبريات الشركات فيها.
ولكن لماذا كل هذا الاهتمام الدولي بأفريقيا؟ يقول صندوق النقد الدولي، إن بلدان جنوب الصحراء، ستحقق نسب نمو عالية تقدر بـ 5% خلال العامين القادمين، كما أن ستة من أسرع عشرة الاقتصادات نمواً في العالم موجودة في أفريقيا، هذا إضافة إلى ثراء القارة بالثروات الطبيعية، بما فيها النفط والغاز واليورانيوم.
وفي الوقت الحاضر، توفر الصادرات الأميركية لأفريقيا على سبيل المثال 250 ألف فرصة عمل، يمكن مضاعفتها إذا نجح البرنامج الذي وضعه المؤتمر، وخصصت بموجبه الشركات الأميركية مبلغ 14 مليار دولار كاستثمارات جديدة في القارة الأفريقية، على أن يشمل ذلك قطاعات الطاقة النظيفة والمؤسسات المالية والبنوك وتكنولوجيا المعلومات والتشييد، كما تقرر تقديم 33 مليار دولار على شكل مساعدات وإعانات متعددة.
ومع أن مساعدة وزير الخارجية الأميركية «ليندا غرينفيلذ» قالت «إن واشنطن لا تشعر بالخطر لوجود دول أخرى في أفريقيا»، وهي بذلك تشير إلى الصين بوضوح، إلا أن الخطوة الأميركية ستواجه بزيادة الاهتمام الصيني في منطقة أضحت مركزاً لمصالحها الاستراتيجية في العالم، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد عالمي وقوة صاعدة بقوة.
الفارق هنا هو أن الصين تستفيد بصورة أساسية من استخراج الثروات الطبيعية والمعادن في أفريقيا لتزويد صناعاتها بالمواد الأولية، في حين تركز الولايات المتحدة على الاستثمارات الإنتاجية الحديثة، ما قد يعرضها هناك لمصاعب جمة بسبب تخلف البنى الأساسية لهذه الصناعات من جهة، وانتشار الفساد وسوء الإدارة من جهة أخرى.
من جانبها، على البلدان الأفريقية أن تستفيد من الإقبال الدولي عليها من خلال تطوير بنيتها الأساسية وأنظمتها الإدارية لتشجيع واستقطاب المزيد من رؤوس الأموال، بما فيها الخليجية حتى تتمكن من الاستفادة من إقبال الاستثمارات الأجنبية لزيادة معدلات النمو وإنعاش اقتصادات القارة، وتوفير فرص العمل، وتحسين مستويات المعيشة.
المصدر: الاتحاد
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=80690