كاتب سعودي
لا أجد مبرراً في أن يتجاهل بعض المسؤولين العاملين في مختلف الجهات الحكومية والخاصة رسائل البريد الإلكتروني، دون أن يعتذروا لإنشغالهم أو تواجدهم بعيداً عن مهام أعمالهم أو أن يرُدوا برسالة بريدية إلكترونية ولو بعد حين، حتى وإن لم يأتوا بنبأٍ مُبين.
لعلي هنا أتلمس جراح البعض من الزميلات والزملاء العاملين في بلاط صاحبة الجلالة وكذلك أصحاب الشأن الراغبين في التواصل الإلكتروني مع المسؤولين لطرح إحتياجاتهم من بُلدان ما وراء البحار والأنهار، لعلي أتلمس جراحهم حينما أناشد المسؤولين في دول مجلس التعاون الخليجي وذوي الوعي من المسؤولين والإداريين والتنفيذيين لبذل الجهود الداعية إلى توثيق الإتصال عبر البريد الإلكتروني وتأصيل اللغة الإلكترونية والإتصال (بِـ و فيـ) حكوماتهم.
عندما ذكرت “تأصيل اللغة الإلكترونية”، عادت بي الذاكرة لروايات جيل الأجداد “حيث لا بريد إلكتروني حين ذاك” بينما نجد هناك مكامن للأصالة، إذ يأتيك الرّد ولو بعد حين.. لم يكن لديهم وسائل إتصال حديثة بل إمتازوا بالأصالة في التواصل بينهم البين ، فلم نسمع بنصف حكاية أو نصف رواية أو نصف تجربة مرّوا بها ولو كانت قاسية، بل سمعنا التفاصيل وتفاصيل التفاصيل فـ لكل فعل ردّة فعل و لكل رواية حكاية ثمينة ونهاية أثمن. بينما نسمع “أحياناً” برسائل البريد الإلكتروني ولا نستمع للرّد عليها أو تأصيلها.
قرَّر مجلس الوزراء البحريني إنشاء هيئة عليا للإعلام والاتصال، تتولى اقتراح رسم السياسة العامة للإعلام والاتصال ومتابعة تنفيذها.
ووفقاً لقرار إنشاء الهيئة فستعمل لتحقيق أهدافها على إعداد مشروع الخطة الوطنية للإعلام والاتصال، واقتراح الضوابط والقواعد اللازمة للارتقاء بمهنة الإعلام والاتصال، بما يحقق المصلحة العليا للوطن والحفاظ على وحدة المجتمع فيه.
وستعمل الهيئة على حماية حرية الرأي والتعبير في مختلف وسائل الإعلام، وتلقي الشكاوى المتعلقة بالمحتوى الإعلامي، وستعمل على التوفيق بين الأطراف ذات العلاقة بشأنها، على أن تمارس عملها بكل حرية وحيادية واستقلالية تامة
حينما نتذكّر “وثائق ويكلكس” المسرّبة والتي أقامت العالم بأسره ولم تقعده حتى الآن، سنعرف حقيقة الرسائل البريدية كونها: “وثيقة رسمية أهلكت من كان قبلكم”، وفي حال عدم التجاوب مع الرسائل أو الرد عليها أو حتى قراءتها، قد تثير تساؤلات كثيرة فيما لو تم نشر وثائق بريدية معلّقة دون رد وتوضيح موقف المُستقبِل حيالها، وربما يُسأل عنها كل مسؤول: “بأي ذنب قٌتلت”؟!
اعلنت شركة للاحصاءات في امريكا تعليق اختيار موظف العام للشركة، كونها رأت أن الموظفين يمضون وقتاً طويلاً في الرد على رسائل الكترونية “خاصّة” تردهم اثناء العمل، وتحديداً من النوع الذي يرسله شخص واحد الى مجموعة كبيرة من المتلقين مما يتسبب في ضياع وقت جماعي وتجاهل الأهم، حينها وصفت الشركة هذه العقبة بأنها “ازمة عام ٢٠٠٩”.
إذن، تجاهل رسائل البريد الإلكتروني العملية تُعد “أزمة”، ولا بُد من حلول إذا ما اردنا أن نتواصل بايجابية مع محيطنا في العمل وغيره، وذلك يقودني لما طرحته دراسة حديثة حينما أكدت تعرّض اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية إلى خسارة ما لايقل عن ٦٥٠ مليار دولار في عام ٢٠٠٦ بسبب تشتت انتباه الموظفين وفقدانهم التركيز من جراء سيل المعلومات التي تعترضهم عبر البريد الالكتروني ومواقع العمل الالكترونية.
في مملكة البحرين تقرّر أخيراً إنشاء هيئة عليا للإعلام والاتصال تتولى اقتراح رسم السياسة العامة للإعلام والاتصال ومتابعة تنفيذها، وهو ما يعني أن هذه الهيئة سيكون لها دور مُهم في تأصيل الإتصال واللغة الإلكترونية وكذلك لا نغفل دور العلاقات العامة في الداخل قبل الخارج وهو ما تحتاج إليه المنامة حالياً على الأقل.
إن الاتصال (Communications) كما يرى مدراء المشاريع يشكل 90% من وقتهم، سواءً كان الإتصال في اجتماع أو إتصال تلفوني أو بريد الكتروني وغيره. لذا يفضّل المستخدمون للبريد الإلكتروني حول العالم حفظ نسخة اضافية (Backup) لكل الرسائل، كون البريد الإلكتروني يُعتبر وثيقة رسمية قد تساهم في انقاذ موقف المستخدم يوماً ما إن تطلّب الأمر ذلك.
وأخيراً، أتطلّع إلى أن أرى مقالي هذا في أعين القادة والمسؤولين والتنفيذيين الكرام وفي تواصلكم ورسائلكم القادمة، على الرغم من أني على يقين بأن المتابع “غير المسؤول” تجاه الرّد والتواصل بالبريد الإلكتروني لن يقرأ هذا المقال، فقد اعتاد على عدم الإجابة على الرسائل البريدية “الأهم” فكيف له أن يخسر وقتاً لقرأءة كلماتي “المصفوفة” برأيه!
خاص لـ ( الهتلان بوست )