رحل علي عبد الله صالح بتاريخه وتأثيره، وأصبح في ذمة الله، هناك حسابه وليس هنا عند البشر، ونحن سننظر إليه من النقطة الأخيرة التي وقف عندها في آخر يومين من حياته الحافلة بالأحداث والمواقف والمعارك والتناقضات، وبالهزائم والانتصارات، فالرجل كان يعرف قوة خصمه الذي شاركه الانقلاب على الشرعية، وتحالف معه ثلاث سنوات، ويعرف أنهم قتلة مأجورون يأتمرون بما تمليه عليهم الأطراف الخارجية، ويعرف أيضاً أن «المال القذر» ينتشر في كل نقطة حوثية، وبين المختبئين انتظاراً للفرصة المناسبة من الإخوان حلفاء إيران الجدد في اليمن، ومع ذلك أعلن المواجهة رفضاً للعيش تحت سلطتهم أو الموت غيلة وهو في منزله.
الجمعة الماضية كانت يوم الفصل في اليمن، فيه رفع آخر غطاء كان يغطي الميليشيا الإيرانية، وانتهت آخر مراحل التردد والتشرذم في تقييم مدى خطورة وجود أتباع «الملالي» على الأرض اليمنية، ونزعت الجارة الشقيقة الأصباغ التي تلون وجهها، وكشفت حجم الحقد والكراهية لجيرانها، وتحولت إلى وكيلة رسمية تنوب عن إيران، وأعطت الأوامر للتنظيم الإرهابي الإخواني بمساندة الحوثيين وإفشال انتفاضة صنعاء والمؤتمر الشعبي بعد انتصاراتهم المتلاحقة.
قد تكون رقعة الشطرنج اليمنية معقدة، ولكن أطماع إيران واضحة، وأهداف قطر معلومة، ودول التحالف العربي بقيادة السعودية والدعم الكامل من الإمارات آلت على نفسها أن لا تترك اليمن أسيراً في يد أتباع الحرس الثوري الإيراني، فاليمن لم ولن يكون أرض عدوان على بلاد الحرمين، قالها قادتنا منذ الانقلاب على الشرعية، وانطلاق عاصفة الحزم ومن بعدها إعادة الأمل، حيث حافظ التحالف على عدم المساس بالشعب اليمني، بل كان عوناً له في الإغاثة والمساعدات وتوفير العلاج، بينما الطرف الإيراني أرادها حرباً مدمرة، واستخدم كل وسائله لتوسيع رقعة القتال والفوضى، حتى ارتكب جريمة أمس باغتيال من كان لهم شريكاً لأكثر من ثلاث سنوات.
المهمة الأكبر الآن على عاتق الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وعلى دول التحالف العربي التي ساندته ولا تزال تقف معه، فلم يعد في صفوف الشعب اليمني من يثق في ميليشيا إيران، خاصة بعد أن خانوا حليفهم وقتلوه، فهؤلاء بحاجة إلى من يجمعهم ويوحد صفوفهم، مع التخلص من «عقارب الإخوان» المندسة في صفوف الشعب والشرعية، فالخونة لا يؤمن جانبهم.
المصدر: البيان