رواية «الجزيرة» الهوليودية لانقلاب حمد على أبيه وطرده من بلاده تحولت إلى وصمة عار جديدة.
خليفة بن حمد، يرحمه الله، حل ضيفاً على الرجل الشهم الذي لا يقبل بإهانة أو إذلال «عزيز قوم»، زايد «مغيث عثرات الكرام»، طيب الله ثراه، لم يقبل بأن يكون الشيخ ابن الشيخ المشهود له بالمودة والإخلاص طريداً في الأجواء، فاحتضنه الكريم ابن الكريم، صاحب المواقف النبيلة التي ما زال يتغنى بها القاصي والداني، وقد كانت من خصال زايد أن يجير من استجار به وينتشله من غدر الزمان، وهذه كلها علامات ميزت الرجال الذين حفروا أسماءهم في ذاكرة الناس والتاريخ، قد لا يعرفها الابن العاق الذي داس على القيم والأخلاق والدين من أجل كرسي «هزاز» سُحب من تحته بعد سنوات.
ذلك الذي يتحدث عن انقلاب على الانقلاب كان يكفيه أن يرى الحزن على محيا أبيه، كان الرجل، وأقصد هنا خليفة بن حمد، ومن شدة الصدمة، صدمة الأب، وصدمة الابن المدلل الذي خان العهد، وصدمة البعد عن الوطن، كان تائهاً، وكأنه يعيش في عالم آخر غير العالم الذي يوجد فيه، سلامه مختلف، وكلامه مختلف، في حلقه غصة، وهذه شهادة وليست رواية مصطنعة، فقد رأيته، يرحمه الله، في مكان إقامته دقيقتين فقط، فكان ذلك الانطباع، وتلك المشاعر، كان مختلفاً عن خليفة بن حمد الذي رأيته خمس أو ست مرات من قبل، وكان من بينها لقاء معه في الديوان الأميري بالدوحة أواخر الثمانينيات، غابت الابتسامة، واختفت ملامح البشاشة، وتاهت النظرة، فالمصاب كان كبيراً، والقلب يعتصره الألم.
حمد لم ير أباه على تلك الحال، فلم يحزن لحزنه، لأنه صانع ذلك الحزن، فتمادى، واستكبر، واستبد، وطغى، وأصر على نفي أبيه إلى روما، فقد كان خائفاً من عودة الأب، خائفاً على مكانته الهشة.
حمد ومن خلفه يطلقون أكذوبة جديدة، لأنهم لا يريدون لهذه الأزمة أن تنتهي، و«الجزيرة» تلوي ذراع تميم حتى يخضع لإرادة خلايا الإخوان والإيرانيين والأتراك المتمكنة من مفاصل الدولة، وعلى رأسها القوة التميمية الناعمة التي تغولت وتوحشت.
المصدر: البيان