علي سعد الموسى
علي سعد الموسى
كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية

وطني الذي انتظرته خمسين سنة

آراء

سأكتب اليوم، بلغة واضحة، أن كثيراً من المشاريع الحكومية التنموية تحولت مع الفساد والتسويف إلى ما يهدف (استفزاز) المواطن لا إلى خدمته. الوصلة القصيرة بألفي متر في نهاية الطريق الدولي المزدوج تنام منذ عامين لتشويه صورة المنجز، فيما المقاول يكتفي بوضع بعض معداته المتهالكة على المشروع لاستفزاز المواطن. لماذا تحتاج وصلة قصيرة إلى العام الثالث. الكوبري الطائر على حزام المدينة يدخل العام الثاني، وهو منذ عامين، لا يحتاج سوى أربعة أعمدة لاستكمال المشروع. ماسورة الماء على جدران منازل الحي تدخل عامها الثالث وقد أكلها الصدأ بلا تبرير إلا استفزاز المواطن الذي يقف (الفساد) الواضح شاهداً على جدار منزله. الحديقة الوهمية على أطراف المدينة لا زالت على أطلال الحفر والردم منذ عامين رغم المبلغ المرصود، لتتحول هذه العشرات من الملايين إلى مجرد حراثة نائمة في قلب المشروع منذ سنة. والخلاصة أن هناك (مؤامرة) كبرى لقتل هذا الوطن في عيون مواطنيه. المؤامرة التي أتحدث عنها هي أن تجعل من أي مشروع تنموي كابوساً وعثرة طريق في عيون المواطن.

وعلى مشارف الخمسين، انتظرت وطني خمسين سنة كاملة دون أن ألمس منه خراج هذه الأوهام رغم أن وطني يدفع هذه الملايين بلا حساب أو منة فمن السبب؟ انتظرت وطني خمسين سنة كي أدخل قاعة الجامعة التي وقعوا عقدها منذ ثماني سنين ولا تزال (عظماً) حتى اللحظة. انتظرته لأشرب الماء من البحر فلم يأتوا لمنزلي منذ أن شاهدتهم حفراً قبل سنوات خمس. انتظرته في (وصلة طريق) فوجدت أن الوصلة نفسها حصدت في عام واحد ثماني أرواح في أقل من كيلومتر واحد. انتظرته في مدرسة (ولدي) الاثنين الصغيرين فوجدت المقاول هارباً وقد قبض الثمن. انتظرته في رصيف المنزل لأكتشف أن أمين المنطقة لم يأت لثلث المدينة الكامل منذ عامين. انتظرت وطني خمسين سنة فوجدته مليارات الريالات بكل كرم وسخاء ولكنني لم أجده في الماء وسرير المشفى وقاعة الجامعة وفصل الأولاد الدراسي. اكتشفت أنني أهضم عن ظهر قلب حفر الشوارع من حولي عشر سنين كاملة. يبدؤون المشروع ثم يتركون نهاياته بالمؤامرة من أجل الاستفزاز.

المصدر: الوطن أون لاين