رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور، الذي يمتلك سلسلة من الفنادق الفخمة داخل الإمارات وخارجها، أطلق مبادرة لتدريب المواطنين الراغبين في الانخراط في العمل الفندقي، ومن ثم تأهيلهم وتوظيفهم في هذا القطاع المهم والحيوي، وهو يقول في ذلك: «أرحّب بكل من لديهم الرغبة الصادقة للعمل، وبمختلف مستوياتهم التعليمية، فلدينا وظائف تناسب الجميع، في القطاع الفندقي، وفي بقية القطاعات التي تضمها المجموعة».
وبالتأكيد مثل هذه المبادرة تستحق الشكر والتقدير والدعم أيضاً، فهي جاءت أولاً من شخص بإرادته ورغبته، لم يجبره عليها أحد، كما أنها أتت في ظروف صعبة للغاية، يعانيها القطاع السياحي بشكلٍ عام، والفندقي على وجه الخصوص، وليس سراً أن هذا القطاع مازال يسير في خطوات التعافي الأولى من آثار جائحة كورونا، كما أنه ليس سراً أيضاً أن نعرف أن هناك فنادق عالمية وإقليمية تستغني عن موظفيها في هذا الوقت، كما أننا جميعنا نعلم تمام العلم أن المواطنين تحديداً لا يجدون لهم موطئ قدم في هذا القطاع رغم ضخامته، لذا ليس من السهل أن نجد من يفتح بابه على مصراعيه للمواطنين تحديداً.. إنه دون شك عمل متميز يستحق الشكر.
ومع ذلك، ومن خلال متابعة ردود الأفعال على مبادرة الحبتور، ظهر أن هناك مستويين رئيسين من ردود الأفعال: فئة مؤيدة ومتحمسة، وأخرى معارضة. المؤيدون مهتمون ومقدرون، أما المعارضون فوجهة نظرهم أن وظائف القطاع الفندقي لا تناسب مواطني الإمارات، الذين يشعرون بأنهم ليسوا مضطرين لعمل يجعلهم يحملون الشنط وينظفون الغرف!
بالتأكيد هذا التبرير صحيح، ولكنه رأي مضلل، وضعيف، ويعطي صورة مبتورة، ومع اقتناعنا جميعاً بأن العمل الشريف ليس عيباً، مهما كانت طبيعته، فمن قال إن وظائف القطاع الفندقي محصورة في حمل الشنط أو تنظيف الغرف؟ بالتأكيد لم يقصد خلف الحبتور ذلك، فهناك وظائف كثيرة، ولا حصر لها في هذا القطاع المهم، منها وظائف مكتبية، ومالية، ومحاسبية، وإدارية، وتسويقية، ووظائف علاقات عامة واستقبال، وغيرها كثير، كما أن هناك وظائف الطهي التي تتطلب مهارات عالية، ولها مميزات ورواتب عالية قد تفوق وظائف حكومية عديدة، وهناك عدد كبير جداً من المواطنين والمواطنات مبدعون في هذا المجال، ولديهم حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، يعرضون ويبيعون من خلالها أصنافاً وأشكالاً مميزة من الأكلات، فما المانع من صقل مهارتهم، ودخولهم في هذا العالم من بوابة عالمية معترف بها؟!
القطاع الفندقي في الإمارات قطاع ضخم وحيوي، ودبي وحدها تحتل المركز الأول في المنشآت الفندقية الجديدة قيد الإنشاء، في جميع أنحاء الشرق الأوسط، حيث من المتوقع أن تدخل الخدمة هذا العام 147 منشأة فندقية جديدة، فهل لنا أن نتخيل عدد الوظائف التي ستوفرها هذه المنشآت الجديدة؟ هذا بخلاف المنشآت الضخمة القائمة حالياً، فهل من المنطق أن نعتبر هذه الوظائف جميعها غير صالحة للمواطنين؟ وهل هي جميعها تقتصر على حمل الشنط وتنظيف الغرف!
المصدر: الامارات اليوم