ماذا لو حاسبنا بعض كبار المسؤولين على الوعود التي يطلقونها عادة في بداية استلام المنصب الجديد؟ بعضهم يعطي وعوداً كثيرها خيالي؛ إن كان يعرف أنها لن تتحقق فتلك مصيبة وإن كان لا يعلم فالمصيبة أعظم!
فحينما يأتي أحدهم واعداً أن مشروعات مؤسسته ستوفر عشرات الآلاف من الوظائف فإن من المسؤولية أن يُسأل عن وعده: متى وكيف؟ وقبل أن تنتهي فترة عمله ليت مجلس الشورى يفتح صفحة وعوده، الممكن منها والمستحيل، ما تحقق منها وما لم يتحقق! وعندها يمارس «الشورى» بعض المأمول من أدواره الرقابية.
لو تحقق مبدأ المحاسبة لالتزم المسؤول الجديد الصمت قليلاً وما أطلق عنان الوعود التي قد لا تتحقق. وحينما يعطينا قائمة الوعود فإن من مسؤوليته أن يشرح لنا كيف له أن يحققها. الواقعية في الوعود مهمة وضرورية. فكثيرنا يدرك أن الوزير الجديد لا يملك عصا سحرية يستطيع بها حل مشكلات كبرى تداخلت في تعقيداتها (عوامل) كثيرة على مر سنوات طويلة.
أسوأ ما يمكن أن يحدث أن نعطي المجتمع آمالاً كبرى وحينما نفشل في تحقيقها تصبح ردّة الفعل إحباطاً جديداً ويأساً كبيراً في الإصلاح والتطوير. وهكذا تصبح محاسبة المسؤولين الكبار على وعودهم مطلباً تنموياً مهماً. فإما أن يلتزم المسؤول بوعده أو يتعلّم ألا يسارع بإعطاء وعود قد لا تتحقق.
كم تمنيت لو تسعفني المساحة لاستعراض وعود كبيرة لبعض مسؤولينا الذين كادوا يوهمون المجتمع، قبل سنوات قليلة، بأن مشروعاتهم ستؤمن مئات الآلاف من الوظائف خلال سنوات قليلة. وهاهم يغادرون المنصب ونحن في حيرة من أمرنا نسأل: أين ذهبت تلك المشروعات وما الذي تحقق من الوعود الكبيرة؟
هل نتذكر أن «المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين»؟
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٦٩) صفحة (٣٦) بتاريخ (٢١-٠٥-٢٠١٢)