رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
لا يستطيع أي نظام طبي في العالم استيعاب تزايد حالات الإصابة بفيروس «كورونا»، هذا ما يؤكده الجميع، فخطورة الفيروس لا تكمن في درجة فتكه بالبشر، بل في سرعة انتشاره الغريبة التي حيرت العالم، والأرقام العالمية الحالية تشير إلى أن أعداد المصابين به تتضاعف كل 14 يوماً أو أقل!
مهما كان حجم البلد، وعدد سكانه، فإن مستشفياته لن تستطيع تقديم العناية والحجر الصحي الصحيح للمصابين، بسبب تزايد وتضاعف أعداد المصابين، والحل الوحيد هو السعي بكل الوسائل الممكنة إلى تقليل عدد المصابين، من خلال اتخاذ إجراءات صارمة لمنع التجمعات، وكل النشاطات التي تسهّل انتقال الفيروس بين المجاميع البشرية في وقت واحد، هذا ما فعله ونجح فيه عدد من دول العالم، التي كانت تصنف على أنها دول موبوءة، وهذا ما أسهم بشكل فاعل في تقليل عدد الإصابات وخفضه.
الوضع غير طبيعي، ومن يصرّ على ممارسة حياته الطبيعية في وضع كهذا، فهو إنسان غير مكترث، وبعدم اكتراثه فإنه يضر نفسه وغيره وكل أفراد عائلته، فمريض «كورونا» واحد قد يتسبب في نقل العدوى لمائة شخص أو أكثر، وبالتأكيد معظم هذا العدد سيكون من أهله وأقربائه وأصدقائه ومن يحبهم ويحبونه!
الدولة تقوم بجهود ضخمة، والمستشفيات وجميع العاملين فيها يبذلون جهداً كبيراً لا يشعر به الناس، هم يؤدون واجبهم الوطني قبل الوظيفي، وهم خط الدفاع الأول، والحصن المنيع الذي يتحصن به جميع أفراد المجتمع الآن، فلنساعدهم ونتكاتف معهم كي يستطيعوا تأدية مهامهم من دون ضغوط، ولنتعاون جميعاً حتى لا تتكدس الحالات وتتزايد الأرقام ويخرج الأمر عن إمكاناتهم، وهذا ما حدث فعلاً في دولة مثل إيطاليا، لم يستطع النظام الصحي الصمود لأن الاستهتار، وعدم الاكتراث، وعدم الانتباه لخطورة الوضع من قبل الناس، وإصرارهم على الخروج والتنزه والتسوق، والذهاب للمطاعم وأماكن الترفيه، وكأن شيئاً لم يحدث، أدت في نهاية الأمر إلى خروج الوضع عن السيطرة!
بالتأكيد ليس الهدف من ذلك بث الخوف والهلع، لكن لابد من التعرف إلى كل ممارسات الدول الأخرى التي تعرضت للفيروس، السلبية منها والإيجابية، لنعرف كيف يمكن لنا أن نعبر هذه المرحلة الحساسة بأقل الخسائر الممكنة.
لابد أن نطبق وننفذ كل ما من شأنه محاصرة المرض ومكافحته، ولابد أن ننفذ تعليمات وتوجيهات الحكومة بحذافيرها، نفعل ما تريد، ونستعد للمزيد من الإجراءات الوقائية والاحترازية إن تطلب الأمر، فهي لا تفعل ذلك إلا لمصلحة أبنائها، تتحمل أعباء كثيرة، وستنفق أموالاً كثيرة، وستتكبد خسائر أيضاً، لكنها لا تلتفت إلى كل ذلك، فحكومتنا هدفها الآن حماية الدولة وكل من يقيم عليها، والعبور بهم إلى بر الأمان، ألا يستدعي ذلك منا أن نرفع أيضاً درجات الحذر والانتباه والطاعة إلى أعلى المستويات، لابد من ذلك حتى نتجاوز هذه الأزمة، فالوقت الآن ليس وقت الاستهتار، ولا هو وقت تداول الشائعات، هو وقت الالتزام والتعاضد والتكاتف، وتنفيذ التعليمات كما هي دون تذمر أو نقاش..
المصدر: الإمارات اليوم