كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية
كل الأسئلة المشرعة في الأسبوع الجاري حول الميزانية العامة للدولة أسئلة صحية لمناخ اقتصادي زاهر رائع في بحر عالم مضطرب ومتقلب. وفي وسط الهاوية المالية التي تطل من جديد على هذا العالم برأس ثقيل فنحن على النقيض نحقق من الفائض المالي ما يزيد على ربع الإيرادات للعام المنصرم. ولكن: ما هي الأسباب التي تجبرنا على تحقيق هذا الفائض تقريباً بذات الأرقام للعام الثالث على التوالي وهل توجد لدينا مصلحة من تحقيقه؟ هل يعكس هذا الفائض الضخم حجماً إنتاجياً صناعياً، وبالتالي يذوب القلق لأسباب هذا الفائض؟ وجواب السؤال الأخير هو المدخل للسؤال الذي يسبقه.
كل قصة الإيرادات المالية في الموازنة العامة تدور في الغالب حول الإنتاج النفطي وهذا ما يدعو إلى القلق لأن حجم الفائض لا يمثل قيمة إنتاجية لاقتصاد البدائل. وهنا سيكون السؤال: لماذا نضطر (الآن) لبيع ما يقارب ربع إنتاجنا من النفط على غير حاجتنا الملحة إليه؟ ما هي الأسباب التي تدفعنا إلى إنتاج عشرة ملايين برميل في اليوم الواحد رغم البراهين أننا لسنا في حاجة لأكثر من سبعة ملايين من ذات المنتج؟
كل ما أعرفه جيداً أن لدينا استقلالا تاما في قرارنا النفطي وفي تقرير حجم الإنتاج وكل ما أعرفه بالبرهان أننا لا نلعب دور (المنتج المرن) المرجح لحاجة السوق إلى السلعة. نحن إذاً بحاجة إلى تفسير إنتاجنا لربع كامل لسنا في حاجة إليه لأن هذا من حق الأجيال القادمة إلى ذات المنتج الحيوي. المؤشرات الاقتصادية تبرهن أنه من الأفضل لنا الآن أن نصدر موازنة بعجز مقبول تتم تغطيته من الفائض السابق ومن الاحتياطي النقدي بدلاً من الفرحة الاصطناعية بربع كامل من الفائض النقدي الذي تتناقص قيمته السوقية مع تقادم الزمن بالخصوص أننا نلجأ لاستثمارات متحفظة لهذه الفوائض المتراكمة لا تتناسب مع تقديرات حجم التضخم النقدي لذات الاحتياطي عندما نحتاج إليه بعد عقد من الزمن وهذه معادلات يعرفها المتخصصون جيداً في سوق النقد، نحن أيضاً بحاجة ملحة إلى الطمأنة بالإعلان عن حجم الاحتياطي النقدي وطرائق استثماراته وحجم العوائد عليه لأن هذا الاحتياط الضخم أصبح لدى المواطن أهم من أرقام الميزانية.
المصدر: الوطن اون لاين