كاتب سعودي
حكمت المحكمة الجزائية في مكة المكرمة، أمس، بالسجن 48 ساعة على فتاة تلفظت على أعضاء هيئة الأمر المعروف، وقذفت أحدهم بحذائها، حين قاموا بإنزال شقيقها بالقوة من السيارة، طبعا قذف موظف والتفلظ عليه أثناء تأديته واجبه أمر غير مقبول، ولكن ما هو السبب الذي دفع الفتاة لقذفهم بالحذاء؟.. هنا تبدأ أحداث هذا الفيلم العجيب الذي دارت أحداثه قبل عام، وهو يدور في أروقة المحكمة منذ ذلك الوقت.
الفتاة ــ بحسب الصحف الصادرة أمس ــ كانت ذاهبة بكل أمان وسلام لا لها ولا عليها مع أمها وشقيقها إلى حي (النكاسة)، ولكن السيارة التي يقودها شقيقها احتكت بسيارة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبناء على هذا الاحتكاك المروري اشتبه رجال الهيئة بوجود خلوة غير شرعية في الموضوع.
بالمناسبة، هذا الشقيق سيئ الحظ الذي لم يجد من السيارات التي تسير في حي النكاسة سوى سيارة الهيئة ليحتك بها بسيارته تم توقيفه على ذمة القضية 49 يوما.. لماذا؟.. لا تعرف!. هل هذا التوقيف بسبب تهمة الخلوة التي اتضح بطلانها بمجرد ما أثبتت الفتاة أنه شقيقها، أم أن التوقيف بسبب احتكاكه بسيارة الهيئة؟، أم أنه شارك أخته في الهجوم بالأحذية على رجال الهيئة؟، ولكن لو كان فعل ذلك لصدر حكم عليه هو الآخر.
أما الفتاة، فهي محظوظة جدا لأن الحكم بالأساس كان يقضي بجلدها 50 جلدة، ولكن تم إلغاء حكم الجلد بعد عدة محاولات واعتراض على الحكم، وقد رفضت محكمة الاستئناف الحكم مرتين، وطلبت من قاضي المحكمة الجزئية إعفاءها من الجلد كونها موظفة حكومية وذلك مراعاة لمشاعرها، كيف تمت مراعاة مشاعرها بعد كل هذه المرمطة؟.. لا تعرف!، ولكن ــ كما يقال: شيء أهون من شيء؟!.
كل ما سبق (ماشي).. ولا نقول شيئا حوله، فالمحكمة أدرى وأعلم بالوقائع، ولكن لدينا سؤال صغير: ماذا بخصوص رجال الهيئة بعد أن ثبت عدم وجود خلوة غير شرعية؟، هل ما فعلوه بحق هذه الفتاة خطأ يستلزم الإيقاف والتحقيق وحكم المحكمة، أم أن الخطأ دائما يكون من اختصاص المواطن، أما رجل الهيئة فهو يجتهد ولكل مجتهد نصيب، والمسألة خطأ فردي بسيط، بسبب حادث مروري بسيط، أدى إلى الشك في قضية ليست بالبسيطة، ونتج عنه مسح بسيط بكرامة عائلة تتسوق وتوقيف ومحاكمة وتعهد.. وطار الحذاء في الهواء، وعادت الحقيقة حافية القدمين تجرها أشواك الطريق، كما يحدث في كل مرة.. وانتهى الفيلم ليبحث أبطال الحسبة عن قصة جديدة.. ولا تكبروا الموضوع!!.
المصدر: عكاظ