كاتبة إماراتية
أربعيني يحمل بين حنايا ضلوعه قلب عشريني تعجبه فتاه في سن المراهقة (15 عاماً) وهي تتجول في أحد مراكز التسوق مع صديقتها، فقد كان يطغى على مظهرها الخارجي عدم الحشمة مما أثارت فيه شهوة الصيد، يقترب منها بنظرات إعجاب فيقول »اعذريني، بس والله انج آية من الجمال« فترد عليه بارتباك »احترم نفسك« وأخذت تمشي بخطى متسارعة، ولكن لم تكن أسرع من دقات قلبها الذي كاد ينفجر بين حناياها.. ولكن هل انتهت هذه القصة، أم هذه بداية التمرد؟
بعض الأهالي وتحديداً الأم قد تجبر طفلتها بالتصرف كراشدة في زينتها ولبسها فيتم إحراق مرحلة الطفولة بحجة »عادي لازم تتعلم« فتنتقل هذه الطفلة إلى مرحلة البلوغ في غمضة عين من دون أن تعيش طفولتها بشكل طبيعي. فبعض الأمهات يجبرن الأطفال أن يتصرفوا كراشدين في مرحلة الطفولة حتى يفقدوا أجمل الأيام التي يفعل فيها الطفل ما يريد، وليس عليه عتب، فلا تهمه المظاهر بقدر ما يهمه أن يعيش يوماً بيوم. والفتاة بالأخص غالباً ما تقتدي بأمها، لذا يجب على الأم أن تحرص على أن تكون قدوة حسنة لها حتى لا تعض أصابعها ندماً حين لا ينفع الندم.
»يَنشأُ ناشىئ الفتيانِ مِنّا على ما كانَ عَوّدَهُ أبُوه«.
الفتاة تعتاد على ما نشأت عليه، فإذا نشأت على الستر كانت الملابس الساترة من أيسر الأمور عليها في مرحلة الرشد، ولكن إذا نشأت على خلاف ذلك كانت هذه الملابس عسيرة عليها لأنها تخالف المبادئ التي تربت عليها منذ أن فتحت عينيها وبدأت تفهم ما حولها. ففي هذا العصر أقصى ما يحتاجه الأبناء هو التوجيه للسلوك والحوار بدلاً من الأوامر والعقاب على الخطأ.
عبارة »بعدها صغيرة« أدت إلى تهاون الكثير من المراهقات في أمور الحشمة، وذلك يعود إلى ما تم تعويدهن عليه منذ الصغر. المشكلة هنا أنه بهذا التهاون سيتم تبديل القيم، وإحلال ثقافة مستوردة لا صلة لنا بها لينشأ جيل مجرد من الحشمة والقلوب الصافية. إذاً لنحمي الأطفال من عثرات الزمان بغرس حب الله في نفوسهم لما له من أكبر الأثر في إكسابهم مناعة أخلاقية تحميهم من آفات الانفتاح على ثقافات العالم.
جعل الله الحياء شعبة من شعب الإيمان، فهي خصلة حميدة تكف صاحبها عما لا يليق، فقلة الحياء من موت القلب فلا إيمان لمن لا حياء له. وإذا كان الخوف على الأبناء في الماضي كبيراً، ففي ظل وجود الإنترنت التي تعتبر بوابة إلى جميع أنحاء العالم يجب أن يكون الحرص والخوف عليهم أكبر بكثير، »فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته«. تتلقى الفتاة مكالمة من المعجب الأربعيني »اشتقت لعينيك« فتأخذ نفساً عميقاً وتجاوبه »اشتقت لك لدرجة تفوق تصوراتك«…وهل ينفع الندم الآن؟
المصدر: البيان