كاتب و مدون سعودي
من أكثر الملامح التي تفتقر إليها المتاجر في المملكة، هو وعيها بأهمية أن يكون العميل هو محركها الأول. فقد لاحظت خلال أسبوع واحد من التجوال في أسواق مدينة جدة، أن المبيعات هي المحرك الوحيد الذي تنتهجه معظمها، ابتداء من شركات الاتصالات مرورا بمحلات بيع الأجهزة الإلكترونية، وانتهاء بمحلات بيع الأدوات الصحية، فمن اللحظة التي تنتهي فيها عملية البيع تبدأ أزمة في عملية خدمات ما بعد البيع الموعودة.
فمثلا تقوم إحدى شركات الاتصالات بالطلب بتسديد فاتورة متأخرة لرقم جوال، وذلك من أجل أن يتم إعادة الخدمة، إلا أنه بعد أن يتم السداد يتم اكتشاف أن الرقم لم يعد يظهر في نظام هذه الشركة ولا يمكن إعادة الخدمة، وبالتالي تبدأ عملية تقديم تظلم مضنية بهدف استعادة الرقم التائه في نظام هذه الشركة الكبيرة، ما يذكرنا بقصة عادل إمام في مسرحية شاهد ما شفش حاجة “يا تدفع يا نشيل العدة”!
في جانب آخر، نجد أن الشركات الكبيرة المتخصصة في بيع الأثاث، تقوم بإغراء العميل بمعارض جميلة وكتالوجات مصممة بشكل مغر، تحرص على إنهاء عملية البيع في أقل من خمس دقائق، عبر مندوبين منتشرين في كل أركان المعرض، حتى يأتي دور تحديد موعد إيصال الأثاث إلى المنزل وتركيبه، ليكتشف المغلوب على أمره أنه اشترى منتجا عليه أن ينتظر وصوله لمدة تشابه مدد انتظار المواطن لسرير في مستشفى حكومي!
بإمكاني أن أعطي أمثله لا تنتهي، فخدمات العملاء في أسواقنا المحلية ليست إلا عبارة تستخدم للترويج بهدف البيع، وأنها بعيدة كل البعد عن حرصها على رضا العميل وراحته، إذ إن التحايل مستمر رغم كل ما تقوم به وزارة التجارة من جولات تفتيشية، في وقت نجد أن ما يميز الأسواق القريبة منا يكمن في أن العميل هو اهتمامها الأول، وهو ما أعطاها الميزة التنافسية علينا، فالعميل يكتشف أنه ليس في حاجة لأن يرفع صوته كالمجنون، أو أن يشتكي ويصعّد الأمر للحصول على حقوقه كعميل صاحب حق.
كيف يمكن أن نبرر إهمال إحدى خدمات شركات النقل السريع وهي تطلب أن يقوم العميل بالذهاب إلى فرعها المكتظ بالعملاء ليحصل على الطرد المرسل إليه من عاصمة خليجية، وليس بعد يومين كما كان مقررا بل بعد سبعة أيام! والمحزن في الأمر أن الطرد لم يصل إلى العميل إلا بعد أن تم تقديم شكوى عبر “تويتر” لمقر الشركة الأم في أميركا التي بدورها قامت بتوبيخ الوكيل المحلي الذي تحرك في أقل من 12 ساعة لإيصال الطرد إلى منزل العميل!
أمامنا سكة طويلة لنحول أسواقنا إلى أسواق تحترم العميل.
المصدر: الوطن اون لاين
http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=26045