كاتب وإعلامي سعودي
في الغرب -خصوصاً- يعيش المسلمون والإسلام في مرحلتنا الراهنة حالاً من الظلم، وصورة نمطية في اللاوعي الغربي، يربط بين الإسلام والعنف والتطرف والإرهاب، فمن يتحمل حال الخوف من الإسلام في العالم؟ أو ما يعرف بـ«الإسلاموفوبيا»، فبعضهم يميل إلى أن واقع المسلمين في العالم هو ما يجذِّر هذه الصورة الخاطئة عن الإسلام.
فالعالم يشاهد القتل والعنف ضد الأبرياء في عالمنا الإسلامي، وهي تنفذ باسم الإسلام، فماذا نتوقع أن تكون صورة الإسلام في الخارج وهم يشاهدون على شاشات التلفزيون وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، مناظر القتل والنحر لأبرياء بسبب اختلاف المذهب بين هذا التنظيم أو ذاك، أو سبي النساء من بعض الأقليات العرقية والدينية في عالمنا العربي والإسلامي؟ مثل هذا الممارسات الشنيعة كافية لمئات الأعوام المقبلة لتشويه صورة الإسلام في الغرب. في هذا الوضع المأسوي للمسلمين -ولاسيما من يقومون بمثل هذه الجرائم ويربطونها بالإسلام- لن نتوقع منهم إلا المزيد من الصراع الديني والثقافي، وإقحام الإسلام في هذا الصراع، ولا شك أن الإسلام هو الخاسر الأكبر في هذه المرحلة، فالعالم يقرأ الإحصاءات التي تبين أن القتلى من المسلمين قتلوا بأيدي مسلمين آخرين.
مثل هذه الأرقام تؤكد للغرب ولشعوبه أن الإسلام دين عنف، ويمثل خطراً على العالم أجمع، ونحن المسلمين -وللأسف- نقدم الدليل الواقعي لهم بأن هذا هو الإسلام. فالمجتمعات والدول غير المسلمة مشغولة بقضاياها واكتشافاتها العلمية، التي تخدم البشرية جمعاء، ومن ضمنهم المسلمون، في الوقت ذاته المسلمون مشغولون بقتل بعضهم بعضاً، ففي هذه الحال كيف نتوقع أن ينظر لنا العالم!؟ فهل هو محق بالخوف بكل ما له علاقة بالإسلام والمسلمين؟
ولزيادة حال الضياع والتخبط والتخلف التي نعيشها، وفي محاولة الخروج مما يمر به المسلمون من أزمة حضارية، نجد بعضنا يحاول أن يجد المبررات بأن من يقف خلف العداء للإسلام هو عدو خارجي، له عداء تاريخي معه، وقد يكون هذا حدثَ في الماضي من حروب دينية في منطقتنا، ولكن هل من المنطقي أن نكون أسرى لتلك الصراعات الدينية؟ فكلنا يعلم أنه حتى في الغرب نفسه، قامت حروب تاريخية بين شعوبه على أساس ديني، ومع الثورة الصناعية وظهور الدولة العلمانية، خرج الغرب من ماضي وتاريخ الدولة الدينية، أما نحن -المسلمين- فإشكالية الأزمة الحضارية التي نواجهها أننا جزء من عالمنا المعاصر، والتي شكلت العولمة بكل أشكالها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وظهور الحقبة المعلوماتية التي تخطت الحدود بين قارات العالم، ولكننا نوظف ونستخدم الدين في صراعنا السياسي مع الغرب العلماني. هذه هي أزمتنا الحقيقة، فكلنا يقرأ ويتابع العداء السافر للغرب المسيحي، ولكن أهذا الغرب -مثلاً- وفي صراعه معنا يبحث عن هيمنة دينية أم مصالح اقتصادية وسياسية؟ فالأدوات والآيديولوجيات المستخدمة في الصراع مختلفة، وتعكس الحال الفكرية التي ينطلق منها كل فريق. علينا عدم الاندفاع بحتمية الصراع بين الإسلام والغرب الرأسمالي، وليس المسيحي، ولا حتى ضد اليهودية ديناً، فخلافنا مع بعض اليهود هو صراع سياسي، ويمكن أن نجد أرضية مشتركة مع أصحاب الديانات الأخرى.
فمثلا قرأت قبل فترة أن المجلس المركزي ليهود ألمانيا أعلن تضامنه مع المسلمين في مواجهة الهجمات الكلامية لحركة «بجيدا» على الإسلام، وهي اختصار لعبارة «أوربيون وطنيون ضد أسلمة الغرب»
وفي تصريحات لصحيفة «دي فيلت» الألمانية، قال رئيس مجلس إدارة المجلس المركزي ليهود ألمانيا جوزيف شوستر: «إن الخوف من الإرهاب الإسلامي استُغل؛ لتشويه دين بأكمله». وأضاف شوستر: «أن هذا الأمر غير مقبول على الإطلاق». مثل هذه المواقف والتصريحات تعطينا الدلالة على أن هناك منطقة لقاء وحوار بين أصحاب الديانات السماوية، وعلينا نحن المسلمين أن نكون منفتحين على الآخر؛ لخدمة ديننا الإسلامي، الذي يدعو إلى السلام والمحبة، أما إذا صدقنا بعض الأصوات المتطرفة في الغرب وبيننا؛ بأن هناك صراعاً حضارياً، فالخاسر الأكبر هم نحن كأمة، وسيستمر تشويه الإسلام بسبب أفعال بعضنا.
المصدر: الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Akel-Il-Akel