خاص لـ هات بوست:
لم نكن نسمع أن هناك يوماً عالمياً للرجل، بل لطالما حمّلنا الرجال منة، نحن النساء، على تخصيص العالم يوماً للمرأة.
وإن كان يوم المرأة هو ذكرى نيل بعض النساء بعض حقوقهن في العمل، ثم في التصويت ونيل المناصب، فإن يوم الرجل يهتم بالعناية بصحته والتوعية لما قد يعتريها، إذ لا يبدو أنه بحاجة للمطالبة بحقوقه بصفته ذكراً، حتى لو وجدت قلة قليلة جداً ربما وقع عليها ظلماً من النساء.
لكن الإنصاف يقتضي ألا نلقي باللوم على الرجال في كل ما تعاني منه النساء، إنما فلنصحح الصورة أمام أنفسنا لعل شيئاً من التصحيح ينتقل إلى المجتمع حولنا.
بداية من الولادة، هل لنا أن نهنىء بولادة الأنثى كالذكر تماماً فلا نكتفي بأن نحمد الله على سلامة الأم إن أنجبت بنتاً بينما نتقدم بأشد التبريكات إن كان المولود صبياً؟ ولنتذكر قوله تعالى {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (النحل 58- 59)، فنحن من حيث لا ندري نكرس الامتعاض من ولادة الأنثى.
ثم هناك خطأ شائع في لهجاتنا انعكس
على أمور كثيرة، حيث نطلق لفظ “الولد” على الذكر من الأولاد، فيما اعتبر التنزيل الحكيم الأولاد ذكور وإناث {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ —} (النساء 11)، ومن هنا حجب فقط الذكور من الأولاد الإرث عن الأخوة، فيما شارك الأقارب في إرث الإناث عند أغلب المذاهب، وبالتالي كانت ولادة الطفل الذكر هي ضمان تلقائي لانتقال الإرث للذرية، ومن ثم رتبة أعلى له داخل الأسرة، علماً أن الله تعالى اعتبر الوصية هي الحل الأول لتوزيع الثروة.
من جهة أخرى، على المرأة أن تقتنع قبل الرجل أنها ليست ضلعاً قاصراً، وليست متاعاً، وعليها ألا تتذرع أن الله خلقها “أقل شأناً”، فهذا خطأ وإن شاع، فالله تعالى خلقهما دون تمييز لأحدهما على الآخر بل من نفس واحدة، هي الخلية الأم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} (النساء 1) أما “آدم” فهو اسم جنس لأبي الإنسان لا الرجل فقط، أبي البشر الذي اصطفاه الله ليصبح بموجب نفخة الروح إنساناً يحمل مسؤولية اختياراته.
أما {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} فلتكملوا الآية وتقرأوا {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء 34) فالقوامة للأفضل، ويمكن في عقد الزواج أن تضع المرأة الشروط التي تريدها، ولها الحق في طلب الطلاق، على عكس ما هو رائج.
أيضاً ثمة أمر مهم يجب معرفته وهو كون الرسالة المحمدية جاءت لتعدل سابقاتها {ما نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}(البقرة 106) أي أنها طورت ما كان متعارفاً عليه من حقوق معدومة للمرأة إلى ما هو أفضل سواء في الأحوال الشخصية أو بشكل عام، ضمن قاعدة عامة هي أن المسؤولية واحدة والجزاء واحد، إلا أن الذكور عبر التاريخ تمسكوا بالدفة، وهم من وضعوا القوانين وسنوا التشريعات وفق أهوائهم، وفي مجتمعاتنا بالتالي حلت أحاديث موضوعة بدل كتاب الله، وتكرست في الذهن الجمعي عوضاً عن الدين الحق، فلا نستغرب أن تكون المرأة “ناقصة عقل ودين” وأن النساء ” يكفرن العشير” و”يقطعن الصلاة كالحمار والكلب الأسود”، لكن ما هو مستهجن أن تقتنع النساء بذلك ويورثن تلك القناعة لأولادهن، ذكوراً وإناثاً.
رب قائل أن المرأة في العالم أجمع لم تنل حقوقها كاملة، فلماذا نجلد مجتمعاتنا؟ نعم يتفاوت الأمر بين مجتمع وآخر، لكن مجتمعاتنا الإسلامية تتبنى حججاً زائفة فيما تقترفه بحق النساء، وترسخ من خلالها النظرة إلى المرأة باعتبارها “شيء” يجوز التصرف به، هذه النظرة التي من واجبنا نساءً ورجالاً العمل على تعديلها.
في يومك أيها الرجل، انقلب الموضوع ليعود إلينا، وإلى حقوقنا المهدورة، لكن وباعتبار أن الظلم يسود مناطق كثيرة من هذا العالم، نتمنى أن تنال حقوقك كاملة، وتنعم بصحة أفضل، لعلنا ننعم جميعاً بحياة أكثر عدلاً.