حددت دراسة بحثية، نشرتها الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، 18 سمة ومهارة شخصية واجتماعية، تحوّل الموظف العادي إلى متميز، وتدفعه لارتقاء السلم الوظيفي وصولاً إلى أعلى الدرجات، أبرزها الحرص على الموازنة بين الحياة الشخصية والعملية، والتحلي بالذكاء العاطفي لإنجاح علاقاته في العمل والحياة، إلى جانب أن يحرص الموظف على أن يضع نفسه مكان الآخرين، حتى يتفهم وجهات نظرهم.
كنوز دفينة
شددت دراسة الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية على ضرورة أن يعمل الموظف على تطوير المعارف، وعدم التوقف عن التعلم واكتساب المعرفة، باعتبارها قوة وكنزاً كبيراً. وعليه كذلك محاولة فهم نفسه وتفهم الآخرين، وأن يضع نفسه مكانهم حتى يتفهم وجهات نظرهم، فيما اختتمت الدراسة نصائحها بأن يبحث الموظف في أعماق ذاته، فعادة ما تكون الكنوز دفينة في أعماقه، وتنتظر منه أن يكتشفها لتضيء دربه.
وتفصيلاً، دعت دراسة بحثية، نشرت في العدد الأخير لمجلة «الموارد البشرية»، الصادرة عن الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، أي موظف يلتحق بوظيفته الأولى، إلى التخطيط الاستباقي ورسم خطواته للسنوات المقبلة، على أن يضع أهدافه للنجاح والتميز، وصولاً إلى قمة أحلامه وطموحاته، وذلك بمجرد أن تطأ قدماه أبواب المؤسسة التي سيباشر من خلالها حياته العملية.
وذكرت الدراسة أن البعض ينجح ويحقق أهدافه، بينما البعض الآخر قد تتاح له الفرص ذاتها، لكنه يظل حبيساً للأداء العادي، ولا يتمكن أبداً من التميز، لافتة إلى أن «النجاح والتميز هما في الأساس قرار».
وأضافت: «لا تنتظر من الآخرين أكثر مما تنتظر من نفسك، فأنت الأساس، وأمامك خياران، أحدهما أن تكون متميزاً وذا طموح يصل بك إلى قمة السلم الوظيفي، بينما الآخر أن تظل موظفاً عادياً كملايين الموظفين، الذين يعملون للحصول على مبلغ في نهاية الشهر لسداد احتياجاتهم، وسرعان ما يصلون إلى سن التقاعد دون أن يحتلوا جزءاً من ذاكرة المؤسسة، ويغادرونها بعد حياة عملية باهتة، خالية من الملامح والبصمات».
وحددت الدراسة 18 سمة ومهارة شخصية واجتماعية يجب أن يتسم بها الموظف كي يكون متميزاً، مؤكدة أن الالتزام بمعظمها يرتقي بالموظف، ويحدث تغييراً في حياته ومؤسسته.
وتتمثل هذه السمات في أن يكون الموظف شغوفاً، ويعمل ما يحب، وإن لم يكن هذا الخيار متاحاً فيحب ما يعمل، وأن يستشرف المستقبل، ويستعد له بكل طاقة وإمكانات ممكنة، وأن يضع الموظف أهدافاً طويلة المدى وأخرى قصرة المدى لحياته، ثم يضع الخطط اللازمة لتحقيق هذه الأهداف بنوعيها، وكذلك أن يقوم الموظف بتقييم نجاحاته والاستفادة من أخطائه، بجانب قيامه بتعديل أهدافه وفقاً لمستجدات الأوضاع.
كما تضمنت سمات «موظف القمة» أن يتسم بالإيجابية، لأن اتخاذ المواقف الإيجابية يجعل من الموظف إنساناً سعيداً وقادراً على نشر السعادة، فالطاقة الإيجابية تمنح الإنسان أجنحة يطير بها، بينما تقيده الطاقة السلبية بسلاسل تجذبه إلى الأسفل، وهي قرار يستطيع أن يتخذه كل إنسان حول الحياة التي يريدها.
وأشارت الدراسة إلى أن «جميع الموظفين يواجهون المشكلات والتحديات والمعوقات والإحباطات ذاتها، لكن البعض تسكنه السلبية التي تجره إلى دروب الفشل، بينما البعض الآخر الذي يتميز هو من يواجه التحديات بإيجابية»، مشددة على «ضرورة أن يكون الموظف مبادراً في حياته وعمله، ولا ينتظر الحلول من الآخرين، بل يبحث عن إجابات عن أي أسئلة تجول في خاطره، وأن يكون دائم السؤال».
وأفادت الدراسة بأن «السمات الشخصية للموظف الساعي للتميز تتضمن تجنب الموظف أن يكون نسخة مكررة من الآخرين، فالحياة مليئة بالنسخ، ومن ثم عليه أن يكون أصلاً، كما تشمل كذلك الاهتمام بالقراءة، لأنها تأخذ الإنسان إلى عالم آخر من التجارب والحياة المختلفة، ما يتيح التعلم والنضج، ورؤية الحياة بشكل أوسع وأجمل وأكثر سحراً».
ودعت الموظف الطامح للتميز إلى السعي للإبداع والابتكار، وعدم التفكير داخل الصندوق أو حتى خارجه، بل العمل على التفكير في صناديق جديدة، كما دعته إلى الاطلاع على تجارب الناجحين، والتعلم من أساليبهم في مواجهة التحديات.
وقالت: «على الموظفين التحلي بالخيال والقدرة على تحويل الحلم إلى حقيقة، فأي شيء قام إنسان ما بتحقيقه على وجه الأرض يمكن لإنسان آخر أن يحققه، إذا ما رفع شعار لا مكان للمستحيل»، ناصحة بعدم الخوف من انتقادات الآخرين، ولا من التعرض للإخفاقات، بل يجب الاحتفال بها، لأنها تمثل فرصاً للتعلم، وتفتح أبواباً جديدة من المعرفة. ونصحت الدراسة الموظفين بالحرص على الموازنة بين الحياة الشخصية والعملية، لافتة إلى أنه مهما كان الموظف متميزاً في عمله، فلن يستطيع المحافظة على هذا التميز ما لم يقترن بتميز مماثل في الحياة الشخصية، من دون أن يغلب أحدهما على الأخرى. كما دعت إلى الاستمتاع بأسلوب العمل الجماعي ضمن فريق يتشارك المعلومات والمعارف والاكتشافات، وأن يتسم الموظف بالذكاء في تعاملاته مع الآخرين، إذ يجب أن يتحلى بالذكاء العاطفي لإنجاح علاقاته في العمل والحياة.
المصدر: الإمارات اليوم