رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
عند تقديمه للحديث عن مبادرة 1971 تطرّق الدكتور عبدالله الريس، مدير مركز الوثائق والبحوث، إلى تاريخ الإمارات، مشيراً إلى أن هناك دلالات وآثاراً ووثائق تدل على وجود حياة وحضارة في الإمارات تعود إلى أكثر من 5000 سنة، والمركز يحتفظ بكثير من الوثائق تعود إلى مئات السنين، بعد أن بُذلت جهود كبيرة للحصول عليها من دول مثل البرتغال وإسبانيا والهند ومختلف دول أوروبا، نظراً لوصول المستعمرين البرتغاليين والأوروبيين إلى هنا في فترة مبكرة جداً!
كثيرون، ومنهم مواطنون، يربطون تاريخ الإمارات بنشوء الدولة في عام 1971، وكثيرون، ومنهم مواطنون، لا يعرفون الكثير عن الحضارات والآثار التي وُجدت وتعود إلى آلاف السنين، كما أن كثيرين لا يعرفون شيئاً عن الإمارات قبل عام 1971، وهنا تكمن أهمية المبادرة التي أطلقها ويرعاها سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، والتي تهدف إلى نشر الوعي المعلوماتي والثقافي والتوثيقي للجيل الحالي والأجيال المقبلة، من خلال مسابقات وفعاليات وأنشطة في مختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لنشر معلومات عن طريق تشجيع الناس على البحث تتركز جلّها حول تاريخ الإمارات القديم والحديث، وصولاً إلى عام الاتحاد وإشهار الدولة 1971.
شخصياً لم أكن أعرف شيئاً عن نشاط الفينيقيين في الإمارات، ولم أكن أعرف أنهم وثّقوا أبوظبي في وثائقهم، بعد أن اكتشفوا أن اللؤلؤ فيها هو الأفضل والأنقى في هذه المنطقة، فكانوا يتاجرون فيه لتزيين تيجان ملوكهم، وكذلك هي الحال عند المذيع عبدالله إسماعيل، حيث بدا عليه الاندهاش حين استضاف خبيراً إماراتياً في الآثار، وأخبره بوجود حفريات وآثار في الدولة تعود إلى الألف الأول قبل الميلاد، هذا ونحن نعمل في مجال الإعلام، فكيف الأمر عند جيل جديد من الصعب عليه أن يقرأ؟!
وكثيرون أيضاً لا يعرفون الكثير عن الشيخ زايد الأول الذي فكّر في عام 1905 في توحيد قبائل المنطقة بهدف إنشاء دولة، وجاء حفيده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمة الله عليه، بعده بأكثر من خمسين سنة ليعيد المحاولات، وينجح في تأسيس دولة حديثة في عام 1971.
بالتأكيد هناك آلاف المعلومات من هذا النوع نجهلها ويجهلها أبناء الإمارات، وهي متوافرة وموجودة في مركز الوثائق والبحوث، وجاءت مبادرة 1971 لتركز عليها وتنشرها، وتخرجها من مبنى المركز لتزرعها في وجدان المواطنين وأبنائهم ليعرفوا تاريخ بلادهم، ويدركوا حجم المصاعب والمتاعب والألم الذي كابده إنسان الإمارات على مر العصور، وفي الوقت ذاته ليتعلموا أن هناك ثوابت وقيماً راسخة وضاربة جذورها عبر التاريخ يجب المحافظة عليها والافتخار بها. من المهم جداً أن يعرف الجميع أننا دولة حديثة لكنها ليست جديدة، دولة تمتلك واقعاً متطوراً، لكنه مبني على تاريخ وحضارة، لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج تراكمات سنوات طويلة جداً.
من المهم جداً أن نوثق التاريخ القديم والحديث، بكل مكوناته وتفاصيله، مهما كانت، فهي أحداث مرت تشكّل مراحل عمرية لهذه الدولة، ومن الأولى الاحتفاظ بها، لذا فإن الأرشيف في أي جهة أو مؤسسة هو ثروة قومية يجب عدم المساس بها، فللأسف الشديد هناك من لا يشعر بهذه الأهمية، وهناك من دمّر جزءاً من ذاكرة الدولة وأرشيفها بشكل متعمد تحت فكر التجديد والتطوير.
المصدر: الإمارات اليوم