أوصانا ديننا الحنيف ببر الوالدين، وطاعتهما، وإكرامهما، والإحسان إليهما، ففي حديث شريف: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أبوك)) (متفق عليه).
يحتفل العالم اليوم الموافق «21 مارس بيوم الأم، وهناك مقولة تؤكد أن أول مرة احتفل فيها بهذه المناسبة، هي سيدة تدعى أنا جارفز»Anna Jarvis” من ولاية فرجينيا في الولايات المتحدة الأميركية، وكان ذلك عام 1908، حيث أقامت هذه السيدة احتفالاً بعيد أمها، وبعد ذلك أخذ الناس يقلدونها وأصبح يوماً رسمياً سنة 1914، بعد أن أعلن الرئيس الأميركي ويدرو ويلسون هذا اليوم سنة 1913.
وكأن فكرة «يوم الأم» في البلدان الفرانكفونية، تعبر عن أهمية المحافظة على سلوك مجتمع كان سائداً منذ القرن التاسع عشر، حتى جاء المارشال هنري فيليب بيتان، وهو عسكري وسياسي ومنظر استراتيجي فرنسي، نال في الحرب العالمية الأولى شهرة واسعة، وكتب مقالة رصينة في يونيو عام 1941، أوضح فيها أن «الأم ليست مجرد صورة توضع على الجدران يتم النظر إليها كل عام، بل لا بد أن نجعل من الأم قيمة أخلاقية تجسد معاني التضحية وإنكار الذات والحب الأبدي».
أما في الوطن العربي فقد بدأت قصة يوم الأم من فكرة كتبها الصحافي المعروف علي أمين، وهو أحد مؤسسي دار «أخبار اليوم» المصرية، وتحت عموده اليومي على تلك الصفحة، كتب علي أمين:
«لماذا لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه «يوم الأم»، ونجعله عيدا قوميا في بلادنا»؟ وحدد علي أمين هذا اليوم فقال: «ما رأيكم أن يكون هذا العيد يوم 21 مارس، إنه اليوم الذي يبدأ به الربيع وتتفتح فيه الزهور وتتفتح فيه القلوب».
اكتسب الحادي والعشرون من مارس دلالة اجتماعية إيحائية خاصة، باعتباره يوم الأم، إذ صار ذا شهرة دولية، مما يفيد ويؤكد أن البشرية جمعاء مجمعة على أهمية المكانة التي تحتلها الأمهات في نفوس أبنائهن، وهي مكانة رفيعة وعالية..
ويدرك القراء أن المقولة السارية أبداً «وراء كل رجل عظيم امرأة»، يستدل منها على الزوجة كما يتبادر إلى أذهان الكثيرين، كأن المرأة الزوجة أصبحت صانعة المستقبل، بينما في اعتقادي أن المقصودة هي الأم. وكما قال الشاعر أحمد شوقي: «الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيّب الأعراق».
الأم هي صانعة تاريخ الجنس البشري بأسره بإنجابها أبطالاً من الزعماء والقادة وصناع القرار، ولولا جهود أمهاتهم لما استطاعوا أن يقودوا مسيرة شعوب كانت في أمس الحاجة إلى قيادات استلهمت المضامين الحقيقية لأماني الشعوب.
وفي هذه المناسبة يحضرني ما جاء في سيرة أفلاطون، الذي كتب: «لم أجد الطمأنينة في أي مكان إلا في حضن أمي». أما جبران خليل جبران، فيرى أن أعظم لفظ عرفته البشرية هو كلمة «أمي».
لقد عاش جيل المواقف الصعبة من الأمهات في مجتمع الإمارات، في حقبة الخمسينات والستينات، في ظروف صعبة. قوامها المعاناة والمجاهدة والصبر وإرادة التحمل.. التحية والإجلال لكل أم في وطننا العربي في عيدها.. وتحية ملؤها الفخر والاعتزاز لأمهات شهداء الإمارات الأبطال.. ولكل أم رحلت وتركت الذكرى الطيبة في نفوس أبنائها وأحفادها.
المصدر: صحيفة البيان