مستشار إعلامي بجريدة البيان، إعلامي منذ عام 1978، حاصل على جائزة الصحافة العربية وجائزة الدولة التقديرية، خرّيج جامعة الإمارات الدفعة الخامسة، وله 8 كتب وأعمال تلفزيونية في التوثيق الرياضي
في حياة كل الشعوب على مر الزمان.. نشاطات رياضية تختلف باختلاف العصر والزمان والبشر.. ودول الخليج وشعوبها مروراً بهذه الظروف والتطورات فلا يعرف بالتحديد متى عرفنا الرياضة، ولكن يقال إنه في مرحلة العشرينيات عرفنا لعبة كرة القدم، بسبب ظروف الحياة المعيشية لشعوبنا قبل ظهور النفط، وألا نغفل حقيقة هامة، وهي أن الشعوب في المنطقة قبل اكتشاف النفط كانت تحتم عليهم ظروف المعيشة أن يمارسوا العديد من أنواع الرياضة وأساليبها المختلفة.
فبالنسبة لموقع هذه الدول الجغرافي على الخليج العربي الذي ارتبط بحياتهم المعيشية كجمع اللؤلؤ وصيد الأسماك والسفر للتجارة جعل شعبها كبيرهم وصغيرهم يمارس السباحة والغوص.
وهذان لونان من ألوان الرياضة، وأيضاً فبالنسبة لموقعها الجغرافي على الصحراء فقد جعل شعبها يمارس الصيد والفروسية وهذان لونان آخران من ألوان الرياضة التي عرفها أبناء الخليج والآن تمر علي وتعود إلى أرض البدايات.
ومن يسترجع هذه السنوات سيجد الكثير من الذكريات الجميلة التي يحملها كل خليجي في أعماقه.
فهذه تجربة عمر ألخصها في هذا العمل التوثيقي الذي أقدمه لوطني لما تحمله هذه البطولة الغالية علينا من ذكريات جميلة، والتي علمتنا فنون الإعداد والإدارة والتنظيم والإعلام الرياضي.
ومنذ انطلاقة الدورة الأولى في البحرين عصر الجمعة 27 مارس من عام 1970 بدأت الكرة في الخليج رحلتها في عالم المنافسة الشريفة تبحث لها عن هوية وعن مكانها اللائق، فلم تكن هناك دورة تحظى بسمعة تستحق الالتفاف حولها وما يميزها عن غيرها بانها علاقة حب بين القادة والشعوب، وعلاقات لم تكن لتحدث مع قادة كرة القدم بدول الخليج، وهم من الأسر الحاكمة مما أدى لوجود صلة وترابط قوي مما يعزز من مكانتنا.
ومن هنا أردت أن أعبر بعد هذه التجربة المتواضعة في مسيرة العملية الإعلامية بأن ألخص تجربتي ومسيرتي وحكايتي مع عروس الدورات.
اعتباراً من اليوم سنقدم صفحة يومية عن رحلتي مع كأس الخليج التي انطلقت في أرض البدايات وتعود إليها للمرة الرابعة.. فأهلا من دار بوسلمان.
سلطان خالد السويدي، أو فيلسوف كأس الخليج ، من مواليد الدوحة عام 1948 ، بدأ مشواره الرياضي في نادي الوحدة لاعب كرة قدم، وهو الفرع الثاني من النادي العربي الذي تم تأسيسه من اتحاد ناديي الوحدة والتحرير.
في عام 1969، سافر إلى الولايات المتحدة لدراسة الحقوق، ولكنه عاد عام 1972 قبل أن يكمل تحصيله التعليمي وترأس النادي العربي في الفترة من 1977 إلى 1980 وتولى رئاسة الاتحاد القطري لكرة القدم في الفترة من 1979- 1988 ثم عاد إلى رئاسة النادي العربي مرة أخرى عام 1989 ولمدة سنة واحدة، ومنذ ذلك الوقت انقطع عن التنظيمات القطرية الرياضية وفضل الهدوء.
من الأمور الأخرى التي قلما يعرفها البعض عن السويدي انه إعلامي سابق حيث سبق وترأس إدارة تحرير مجلة سياسية تسمى «الفجر» في الفترة من 1975 ـ 1977 وهو متزوج ولديه ولدان «خالد وناصر» و5 بنات.
سلطان السويدي والمرحوم فهد الأحمد قصة تستحق أن تروى
عن خلافه مع المرحوم الشيخ فهد الأحمد رئيس اتحاد الكرة الكويتي قال السويدي: كنا في قطر لا نزال في بداية التطوير الإداري والفني لاتحاد الكرة ومسابقاتنا المحلية ومنتخباتنا، ولم يكن في وارد تفكيرنا الانخراط في المؤسسات الدولية أو القارية، إلا أنه في بداية الثمانينات بدأنا في تكوين علاقات مع الأسرة الكروية في آسيا وخاصة في الخليج والإخوة العرب الآسيويين وبعض الدول الآسيوية ورغم أننا في الاتحاد القطري كنا ولا نزال نرغب في توفير جهدنا للتطوير الداخلي، إلا أننا استمعنا لرغبات بعض أشقائنا وأصدقائنا في آسيا بضرورة الترشيح لعضوية المكتب التنفيذي للاتحاد الآسيوي وكان الشيخ فهد الأحمد رحمه الله أحد الإخوة الذين كانوا يحثوننا على ذلك وكانت علاقتنا به في ذلك الوقت حديثة وطيبة لكنها سطحية.
الاتحاد الدولي مغيب
وفى عام 1986 قبيل «خليجي 8» ظن الاتحاد الدولي الـ «فيفا» أن الاتحاد الكويتي خالف النظام الأساسي وواجهت الكويت خطر الاستبعاد من البطولة والتبس الأمر على الاتحاد الدولي لأن من ضمن النظام الأساسي لاتحاد الكرة الكويتي بنداً صريحاً يتيح لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حل مجلس الإدارة إذا ثبت وجود خلل وبالتالي تعيين لجنة مؤقتة لإدارة شؤون اللعبة وما حدث هو أن الاتحاد الدولي كان «مغيبا» عن هذا البند.
وقد كان لي الشرف أن أساند الإخوة في الكويت «يقصد المجلس المعين برئاسة عبدالعزيز المخلد» بحكم علاقاتي مع الاتحاد الدولي وكان القرار واضحاً بحرمان الكويت من المشاركة في كأس الخليج. ومن هذا المنطلق ولمكانة المنتخب الكويتي في هذه البطولة عملنا على مشاركة الكويت بكل شرعية، لا ذنب للاعبين أن يغيبوا عن كأس الخليج بسبب خلافات أفراد وصراعات بين أسماء معينة، ومن بين أوجه التعاون التي وضعناها لمساعدة الاتحاد المعين بناء على طلبه الاستعانة بحكام لإدارة المباريات المحلية بعد إضراب الحكام على هامش تلك الأحداث، ولكن الشهيد فهد الأحمد بحكم علاقاته القوية مع الاتحاد الدولي وقف ضد هذه التحركات.
أشهر أحداث «خليجي»
المهم في نهاية المطاف أن الكويت شاركت في كأس الخليج ثم فازت وكانت تلك من أشهر أحداث كأس الخليج التي شهدتها وكنت سعيدا بأن قطر لعبت دوراً بسيطاً في مشاركة الكويت.
واكد السويدي متانة العلاقة التي تربطه بالشهيد فهد الأحمد رغم الصراعات التي كانت ظاهرة على السطح بين الاثنين وبرر تلك الصراعات بأنه والشهيد من جيل رياضي أساسه الوسط الرياضي بكل انفعالاته ومن الطبيعي أن تتسم تصريحاتهما بالانفعالية في بعض الأحيان، ولكنه شدد على أن ما تميز به من صراحة وشفافية مع الشهيد كانت تقابل بأمور أخرى من اطراف ثالثة تدير الكثير والكثير من «تحت لتحت» على حد وصفه.
الله يرحمه، أبو أحمد، لم أكن على خلاف معه، ومن يعرفنا عن قرب يدرك هذه الحقيقة، ومشكلتنا أننا «الاثنين» عندما نختلف في رأي لا نكتم هذا الاختلاف، ووسيلتنا الإعلام، وكما تعرف أن الإعلام يضفي نوعاً من البهرجة التي أؤيدها أنا شخصيا ولا انتقدها، هناك من كان يجلس مع الشهيد ويظهر له التأييد وفي الوقت نفسه «ينبش من تحت لتحت» وهم معروفون.
أنا والشهيد
وأؤكد أن تعاوننا لم يكن بنوايا «خبيثة» وكنا «أنا والشهيد» صادقين في كل مساعينا وتلقائيين في انفعالاتنا لم نكن نهدف إلى مناصب سياسية أو أهداف أخرى فنحن من وسط رياضي منفعل، وبالتالي لا بد أن نكون انفعاليين إذا كنا في الواقع رياضيين كما ندعي!
وفي الوقت الراهن لو أن ابنه العزيز الشيخ أحمد الفهد استمر في العمل الرياضي بعيداً عن مشاغله السياسية لأصبح نسخة طبق الأصل من والده على صعيد الشخصيات المثيرة للجدل، وأحمد الفهد يرتبط بأشياء مشتركة مع والده وهو شخصية رياضية ناجحة ويكفيه انه قائد للمجلس الأولمبي الآسيوي، وأود أن أقول في هذا المقام إن «يدا واحدة لا تصفق»، والشخصيات المثيرة للجدل، التي تشكل محور اهتمام وسائل الإعلام، تحتاج إلى من يساندها ويتعاون معها من «اجل الإثارة».
أبرز وأهم الإنجازات
ويعتبر إنجاز أستراليا أبرز واهم إنجازات سلطان السويدي فقد بذل مجهوداً خرافياً من أجل فوز قطر بالمركز الثاني في بطولة العالم للشباب منها تأسيس هذا الفريق بقيادة المدرب البرازيلي افريستو وحرص على مرافقة الفريق في كل التصفيات ابتداء من المرحلة الأولى في بنجلاديش إلى تايلاند ثم في الدور النهائي في مدينة بريسبن وبعدها في الدور الثاني في مدينة نيوكاسل ثم في سيدني، وكان يشرف بنفسه على راحة كل أفراد البعثة القطرية من لاعبين وإداريين وجهاز فني وإعلاميين بلغ عددهم أكثر من 20 إعلاميا لإدراكه الشديد بأهمية الإعلام.
وكان قد استأجر طائرة من طيران الخليج على حساب اتحاد الكرة تسع 200 راكب خصصها كلها للوفد فقط من أجل راحة الوفد.
وقد تحدى دعوة البعض لمقاطعة الكوكا كولا من قبل الاتحادات العربية باعتبارها الراعي الرسمي للبطولة وقال يومها: لابد ان نبعد الرياضة عن السياسة، وقبل مباراة الدور قبل النهائي مع إنجلترا طالب الإنجليز الاتحاد الدولي بالتأكيد على أهلية اللاعبين واتهام بعضهم بأنهم فوق السن وأوضح لهم سلطان السويدي في الاجتماع الفني بأن قطر تعتمد على التاريخ الهجري في تحديد سن اللاعبين وليس التاريخ الميلادي وبذلك خرج من هذا المأزق.
وهو يقول عن هذا المأزق: من المواقف التي اذكرها جيداً أن جوازات سفر اللاعبين موثقة في خانة تاريخ الميلاد بالسنة فقط وليس باليوم والشهر والسنة وهو الأمر الذي خالفنا فيه لائحة البطولة لكن تدخل رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جواو هافيلانغ كان حاسما ًوقدر لقطر قرار مشاركتها في البطولة على الرغم من مطالبة الجامعة العربية بمقاطعة البطولة لوجود شركة كوكاكولا وكانت شركة إسرائيلية ضمن الشركات الراعية للبطولة.
تقدير هافيلانغ
وأذكر أن هافيلانغ قال: علينا أن نقدر لقطر موقفها من البطولة وكان قرار قطر بعدم الالتفات لقرار الجامعة العربية وقرار مجلس وزراء الشباب العرب وتعليمات الاتحاد العربي لكرة القدم محط إعجاب المشاركين في البطولة.
المضحك في الأمر أن الدول العربية شاركت جميعها في البطولة التالية حتى بوجود الشركة نفسها.
ومن المواقف الأخرى التي تحداها السويدي في أستراليا انه وقبل مباراة إنجلترا وقطر وفي الفندق الموحد لمنتخبات المربع الذهبي في سيدني فوجئ سلطان السويدي بأن لاعبيه يرددون بأن منتخب إنجلترا من السهل الفوز عليه ويوجد فيه نقاط ضعف كثيرة وكان مصدر هذه الآراء لاعبي منتخب مصر الذي خرج من الدور ربع النهائي أمام إنجلترا بالخسارة 2/4 وعلى الفور اجتمع السويدي وافريستو بكل اللاعبين، وقال لهم لا تصدقوا كل ما قيل لكم، لو كان فريق إنجلترا ضعيفاً لفازت مصر عليهم وتأهلت لملاقاة قطر في الدور نصف النهائي، وطالبهم بعدم الاستخفاف خوفاً من أن يؤثر على أدائهم وبالفعل فازت قطر2/1 وفى المباراة النهائية لم ينم سلطان السويدي وايفريستو بسبب هطول الأمطار على سيدني طوال الليل وادركوا أن ذلك سيكون لصالح لاعبي ألمانيا الذين يجيدون اللعب في هذه الأجواء بالإضافة إلى إصابة أكثر من لاعب مهم بالفريق ومنهم الحارس يونس أحمد وبالفعل خسر العنابي أمام ألمانيا 0/4.
كانت لسلطان السويدي صولاته وبصماته على المسيرة الرياضية، سواء عندما كان أميناً عاماً للجنة الأولمبية أو رئيسا للنادي العربي، في بداية السبعينات، وهي المرحلة التي شهد فيها النادي تحت رئاسته قفزة نوعية قادته إلى طريق البطولات والتربع فوق المنصات.
وكان سلطان بن خالد السويدي صاحب التصريحات المثيرة، والمواقف الجديرة بالنقاش على اعتبار أنه يتسم دائمًا بالوضوح والصراحة والجرأة النادرة التي لا مثيل لها في عالم اليوم.
قرار جريء
كان سلطان خالد السويدي جريئاً عندما زج بمجموعة من الشباب العرباوي ليشكلوا نواة الفريق الأول الذي انطلق إلى عالم الانتصارات وبعدها استقال من رئاسة النادي ليقود الاتحاد القطري لكرة القدم، وفي عهده حقق العنابي العديد من الإنجازات التي لن تمحى من الذاكرة الرياضية وأبرزها الفوز بالميدالية الفضية في بطولة كأس العالم للشباب بأستراليا عام 1981، والصعود إلى الدورة الأولمبية عام 1984 في لوس أنجلوس ووضع مرتكزات الانطلاقة الحقيقية للكرة القطرية التي فرضت اسمها كمنافس على بطولات الخليج لكرة القدم.