- ولد في مكة المكرمة، حصل على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في فيزياء الطاقة من بريطانيا، وعلى دبلوم العلوم الاقتصادية من جامعة ستانفورد بأمريكا. - تقلد عدة مناصب أخرها وكيلاً لوزارة التجارة والصناعة، عضو العديد من المجالس والهيئات. - ألف كتاب عن العولمة، وترجم اتفاقات المنظمة إلى اللغة العربية. - يعمل حالياً مستشاراً خاصاً في القطاعين الحكومي والخاص.
لأنه يشكل أهم التحديات التي تواجه دولنا الخليجية، يجب أن يحتل الأمن المائي والغذائي أهم أولوياتنا المُلِحّة. من واجبنا البدء فوراً بإنشاء المجلس الخليجي للأمن المائي والغذائي، والسعي لإنشاء مخزونه الاستراتيجي لما له من أهمية قصوى تفوق أهمية المخزون الاستراتيجي للنفط والغاز لصلته المباشرة بالحياة ومستقبل الأجيال.
في العام الماضي استوردت دولنا الخليجية 83% من احتياجاتنا الغذائية من مزارع 126 دولة حول العالم، لنحتل المرتبة 18 بين دول العالم في قيمة هذه الواردات، ولنتربع قائمة أكبر القوى الشرائية للمواد الغذائية الأساسية في العالم بالنسبة لعدد السكان. خلال العقدين الماضيين تفاقمت الفجوة الغذائية في الدول الخليجة نتيجة تراجع الإنتاج الزراعي فيها إلى النصف، وصاحب ذلك نمو غير مسبوق في استهلاكنا للسلع الغذائية الرئيسية بمعدل يزيد عن 15% سنوياً. وفي العام الماضي فقط ارتفعت قيمة الواردات الغذائية في الدول الخليجية إلى 27 مليار دولار، لتشكل 16% من قيمة كافة وارداتنا، واليوم أصبحنا نعاني من فجوة غذائية مزمنة تفوق نسبتها 100% في الأرز و92% في الذرة و86% في الشعير و76% في القمح و34% في اللحوم والألبان.
في تقريره الصادر نهاية العام المنصرم، أوضح برنامج الأغذية العالمي أن العجز الغذائي المتفاقم في الدول الخليجية جاء نتيجة اختلال التوازن بين زيادة السكان وانحسار الإنتاج، إضافة لاتساع رقعة التصحر وجفاف الطبيعة وندرة المياه، مما أدت جميعها لإفشال جميع خططنا الزراعية وإرهاق كاهل ميزانياتنا السنوية بسبب دعم الأسعار لمواجهة آفة التضخم المستورد. خلال العقد الماضي، شكلت السلع الغذائية الرئيسية نحو 76% من قيمة الفجوة الغذائية في الدول الخليجية، وارتفعت تكلفتها بنسبة 27% سنويا لتتضاعف مستقبلا مرة واحدة كل ثلاث سنوات طبقا للأسعار السائدة في العام الجاري.
وعلى مستوى الوطن العربي، أكد البرنامج أن هنالك اليوم 75 مليون جائع عربي، تزداد نسبة نموهم بمقدار 5% سنويا، حيث ارتفعت الواردات العربية من الغذاء إلى 45% من احتياجات الوطن العربي بتكلفة فاقت 47 مليار دولار سنويا، وأصبحنا نستورد ما يقارب 24% من مجمل ما يستورده العالم الثالث من المنتجات الغذائية.
ولا يقل الأمن المائي خطورة في الدول الخليجية عن الأمن الغذائي، فخلال عقد من الزمن تضاعف الطلب على المياه في السعودية 800%، وذلك رغبة من الدولة في تحقيق الاكتفاء الذاتي لبعض المواد الغذائية، وزاد الاستهلاك المنزلي بمقدار 300% خلال نفس الفترة، بسبب تحسن مستوى المعيشة وزيادة عدد السكان. وإن كانت الأمطار التي تتساقط سنوياً على الدول الخليجية تساوي 433 مليار متر مكعب وتعادل 10 أضعاف احتياجاتنا من المياه، إلا أننا لا نستفيد منها لأن شعابنا الرملية وتربتنا الإسفنجية تمتص معظم الأمطار لينتهي 43% منها تحت الأرض في مكامن جوفية غير آمنة، بينما يذهب 23% منها إلى البحر وتحتجز النسبة الباقية خلف السدود، لتتبخر 50% منا في الهواء. وجاء تقرير البنك الدولي ليؤكد أن معدل موارد المياه المتجددة سنوياً في المنطقة العربية لا يزيد عن 350 مليار متر مكعب، 35% منه يأتي عن طريق تدفق مصبات الأنهار المتواجدة خارج المنطقة، إذ يأتي 56 مليار متر مكعب منها عن طريق نهر النيل، و25 ملياراً عن طريق نهر الفرات، و38 مليار متر مكعب عن طريق نهر دجلة. كما أن كمية المياه السطحية المتاحة من أنهار الوطن العربي لا تزيد عن 183 مليار متر مكعب سنوياً، لتحوز مصر والعراق والسودان وسورية ولبنان على 73% منها، علماً بأن 67% من مياه هذه الأنهار تأتي من خارج هذه الدول العربية. ومع ذلك فإن متوسط نصيب الفرد العربي السنوي من الموارد المائية المتجددة سينخفض بنسبة 80% إلى 667 مترا مكعبا في عام 2025. كما أكد التقرير أن هنالك 13 دولة عربية، من ضمنها الدول الخليجية، التي تقع ضمن فئة الدول ذات الندرة المائية المتفاقمة باستمرار بسبب الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية وزيادة معدلات النمو السكاني العالية.
الدول العربية عامة والخليجية خاصة لا تحسد على موقعها الجغرافي في الكرة الأرضية الذي يعرف بالحزام الجاف وشبه الجاف، فنسبة الصحارى فيها تساوي 43% من مساحة أرضها، ومواردها المائية المتجددة لا تزيد عن 1% من المياه المتجددة في العالم، ليصبح نصيب الفرد العربي من المياه أقل من 1700 متر مكعب سنوياً، بينما يزيد المعدل العالمي عن 7600 متر مكعب سنوياً. وفي الوقت الذي يفوق معدل هطول الأمطار 3000 مليمتر في أوروبا و4500 في شمال أميركا و5300 في جنوب شرق آسيا، فإن هذا المعدل ينخفض في الوطن العربي إلى أقل من 500 مليمتر سنوياً، ليصل عجز الموارد المائية العربية إلى 127 مليار متر مكعب.
إنشاء المخزون الاستراتيجي للمياه والغذاء لا يجب أن يبقى حلماً خليجياً يصعب تحقيقه أو هدفاً عربياً نلهث وراء تحدياته، فنحن اليوم في أمس الحاجة لمجلس خليجي للأمن المائي والغذائي. وإن كانت المياه مرشحةً لإشعال الحروب في منطقة الشرق الأوسط، وذلك نتيجة لتحكم تركيا وإيران وغينيا وإثيوبيا وكينيا وأوغندا بحوالي 60% من منابع الموارد المائية للوطن العربي، فإن موضوع الغذاء، الذي يستحوذ على 80% من الاستخدام الإجمالي للمياه، أصبح أيضاً مرشحاً لإشعال الحروب الداخلية نتيجة لزيادة نسبة الجياع في العالم العربي.
المصدر: الوطن أون لاين