خطوة إلى الوراء وأخرى إلى الأمام.. هذا هو لسان حال المشاورات اليمنية في الكويت، فبعد ساعات من إعلان وفد الحكومة اليمنية تعليق مشاركته على خلفية الخروق المتكررة التي يقوم بها الانقلابيون للهدنة، وعرضه أربعة شروط من أجل العودة إلى المشاورات، بدأت الكويت مساعيها لتطويق الخلاف.
وتحدثت مصادر كويتية عن تدخل جديد لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح لتقريب وجهات النظر، حيث بدأ بالفعل وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح، بمشاركة من المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، محاولات تطويق الخلاف والعودة مجدداً إلى طاولة الحوار.
وأخذت مشاورات الكويت منحى آخر، نتيجة عدم التزام الانقلابيين بتعهّداتهم واستغلالهم الهدنة في تحقيق مآربهم، وأبلغ الوفد الحكومي اليمني المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمس، أنه سينسحب من المشاورات بشكل نهائي إذا لم تتحقق أربع ضمانات.
وقالت المصادر لـ»البيان« إن اجتماعاً مسائياً عُقد بين المبعوث الأممي والوفد الحكومي، بهدف حث الوفد على التراجع عن قرار تعليق المشاورات. وأوضحت المصادر أن الوفد الحكومي أبلغ ولد الشيخ أحمد أنه إذا لم يُصدر وفد الانقلابيين بياناً يبين فيه موقفه من تصريحات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح لقناة »روسيا اليوم«..
وتَعُدْ الأوضاع في معسكر »العمالقة« في محافظة عمران إلى ما كانت عليه، وتسلّم الأسلحة وتتوقف العمليات القتالية في تعز وعدد من المحافظات، فإنه سينسحب من المشاورات ويغادر الكويت.
عودة مشروطة
وكان وزير الخارجية اليمني رئيس الوفد الحكومي عبد الملك المخلافي أكد أن الشرعية لن تعود إلى المشاورات إلا بعد الحصول على ضمانات حقيقية، لوقف الأعمال القتالية ووقف حصار المدن وتفجير المنازل من قبل ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، مؤكداً أن الخروق المستمرة من جانب الميليشيات المتمردة تعكس رغبتها في إفشال مشاورات الكويت.
وخلال لقاء جمعه بولد الشيخ أحمد، أكد المخلافي أن الوفد الحكومي سيعلّق مشاوراته حتى يحصل على هذه الضمانات، وتعود الأوضاع في لواء العمالقة إلى ما كانت عليه، وتتم معالجة الأوضاع المستجدة بسبب السلوك المعادي للسلام من جماعة الحوثي، وتتوقف الخروق المستمرة للانقلابيين، وينتهي حصارهم وقصفهم لمدينة تعز والمدن الأخرى.
وأضاف: »الوفد الحكومي تحلى بالكثير من الصبر والحكمة مقابل تعنت الانقلابيين، وصلفهم نابع من الرغبة الحقيقية لدى الحكومة والحرص على إحلال السلام الدائم المنطلق من المرتكزات الأساسية المتمثلة في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل«.
ولد الشيخ يتفهّم
من جانبه، أكد ولد الشيخ أحمد أنه يتفهم موقف وفد الحكومة، وأنه سيبذل المزيد من الجهود لتذليل الصعوبات ومعالجة وضع معسكر العمالقة، وتوفير الضمانات للالتزام بوقف إطلاق النار ووقف قصف تعز والمدن الأخرى، من أجل توفير أجواء مناسبة لاستمرار المشاورات وإنجاح مسار السلام، مقدراً تحلي وفد الحكومة بالصبر والحرص وتعامله بإيجابية ومسؤولية.
وأضاف ولد الشيخ أحمد: »نرى أن جميع المسائل الشائكة والإشكالات يجب أن تطرح على طاولة الحوار بكل شفافية، للتوصل إلى حل شامل يضع حداً للحوادث التي يستغلها البعض للضغط على الفريق الآخر. نحن لا نقلل من أهمية ما حدث ويحدث، لكننا نكرر أن الطريق الوحيد للحل هو الحوار السلمي والالتزام الكامل بقرارات مجلس الأمن«.
وأشار ولد الشيخ أحمد إلى أن الأمم المتحدة تجري اتصالات مع لجنة التهدئة والتنسيق، ومن خلالها مع المجتمعات المحلية، للتحقيق في الهدنة ووقف جميع الانتهاكات.
وأكد نائب مدير مكتب الرئاسة وعضو الوفد المفاوض عبد الله العليمي أنه لليوم الثاني لا مشاورات مع الطرف الآخر ولن تتم، مشيراً إلى أن الاستهتار بأرواح وممتلكات شعبنا لن يسمح له بأن يستظل بمظلة المشاورات. وأضاف: »المشاورات التي لا تُنجز ابتداءً بإيقاف قصف المدنيين ونسف المنازل، وفتح ممرات آمنة، وإيقاف العبث بموارد وأموال ومؤسسات الدولة، لا تعود جادة مطلقاً«.
الجار الله
وأكد نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله أنه »لا توجد لدى الكويت أفكار لطرحها في مشاورات السلام اليمنية، باعتبارها دولة مضيفة للمشاورات«، رافضاً اعتبار قرار الوفد اليمني الحكومي تعليق مشاركته في مشاورات الكويت خروجاً على مرجعيات قرار مجلس الأمن 2216 والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، وقال إن »هناك تمسكاً من جميع الأطراف اليمنية بمرجعيات القرار 2216 والقرارات الأخرى ذات الصلة«.
وقال الجار الله، على هامش مشاركته في الاجتماع التنسيقي السابع لمجموعة كبار المانحين لدعم الشعب السوري في الكويت، إن »المشاورات اليمنية شأنها شأن أي مشاورات قابلة للتعثر أو الاستمرار..
ولكن المهم أن هناك زخماً عالياً وحرصاً على تحقيق الأطراف اليمنية خطوة إيجابية في المشاورات، وهو ما يبعث على الارتياح والتفاؤل بشأن التوصل إلى اتفاق يؤسس لحل توافقي للصراع، بعد أن قدمت جميع الأطراف اليمنية للوسيط الأممي تصوّراتها للإطار العام الذي اقترحته الأمم المتحدة حول هيكلة وإطار العمل للمحاور السياسية والأمنية والاقتصادية في المرحلة المقبلة«.
وأوضح أن هذه الرؤى »ستكون محل نقاش للوصول إلى التوافق المأمول، وبما يساعد على تسوية الأزمة وإنهاء معاناة الشعب اليمني«.
ورداً على سؤال عن موعد انتهاء المشاورات، قال: »لا أستطيع تحديد جدول زمني لهذه المشاورات، ونحن كدولة مضيفة نتطلع إلى أن تحقق نتائج إيجابية«. وعن لقائه قيادات وفد الحوثيين و»المؤتمر الشعبي«، أوضح الجار الله أن اللقاء يُعقد بشكل متكرر.
التزام
من جانبه، قال النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد إن دولة الكويت لا تسعى لزيادة رصيدها السياسي باستضافة الأطراف اليمنية. وأضاف الشيخ صباح الخالد، في تصريح للصحافيين على هامش مشاركته في الملتقى الإعلامي العربي الـ13، إن الكويت تسعى إلى وقف نزيف الدم اليمني وإعادة الاستقرار للشعب اليمني، مؤكداً التزام الكويت بإعادة إعمار اليمن.
ترميم العلاقة مع هادي
وصل وفد من الحزب الاشتراكي اليمني، يتقدمه أمينه العام عبد الرحمن عمر السقاف، أول من أمس، إلى الرياض، لترميم العلاقة مع الرئيس عبد ربه منصور هادي. وبحسب المصادر، فإن »هذه الخطوة تأتي ضمن مساعي الحزب، وهو أحد أكبر الأحزاب اليمنية المناهضة للانقلاب، لإنهاء قطيعة التواصل بين هادي وبعض قيادات الحزب«..
وكذلك »إزالة حالة الالتباس الحاصلة بين الطرفين حول بعض المواقف، وإعادة ترميم العلاقة بين الرئيس والحزب، وتعزيز فعالية فصائل المقاومة الشعبية في الميدان التي تضم في صفوفها عدداً كبيراً من عناصر الحزب«. وسيعقد الوفد سلسلة من اللقاءات مع هادي.
المصدر: البيان