7 دول أفريقية «تتجرع» الإرهاب القطري

أخبار

على مدى الـ15 عاماً الماضية، حاولت قطر أن تتغلغل في القارة الأفريقية، مستخدمة سلاح المال لبسط نفوذها وخلق «زعامة وهمية» بين الأفارقة، وهو الأمر الذي جعل غالبية المراقبين ينظرون بكثير من التوجس والريبة للحضور القطري المتنامي في القارة السمراء، حيث لا تكاد تخلو دولة أفريقية من تواجد قطري ظاهره الاستثمار، وباطنه زرع بذور الفوضى والفتنة وعدم الاستقرار.

وارتبطت الدوحة بالجماعات الإرهابية والحركات المتمردة في الكثير من الدول الأفريقية، وحرصت على أن تمدها بالمساعدات والتمويل المالي عبر بوابة العمل الإنساني. وفي التقرير التالي ترصد «الاتحاد» الأدوار المشبوهة التي لعبتها قطر في دول القارة السمراء عبر دعمها وتمويلها للمتطرفين والحركات الإرهابية والمتمردة في هذه الدول.

أحمد مراد (القاهرة)

تأتي دولة الصومال على رأس الدول الأفريقية التي عانت كثيراً من الإرهاب القطري، وهو الأمر الذي كشفت عنه العديد من التقارير والوثائق الدولية، حيث اعتبرت عدة تقارير لوزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين قطر أكبر ممول للجماعات المتطرفة والإرهابية في الصومال، وبحسب تقرير نشرته مؤسسة «دعم الديمقراطية» الأميركية بعنوان «قطر وتمويل الإرهاب»، فإن قيادات من «حركة الشباب» الصومالية تلقوا دعماً من رجال أعمال وشيوخ قطريين ومقيمين في قطر، وأوضح التقرير أن حركة الشباب الصومالية الإرهابية تلقت تمويلا من القطري عبدالرحمن النعيمي ــ المصنف إرهابياً ــ بمبلغ 250 ألف دولار، وأشار إلى وجود علاقة قوية تربط بين النعيمي وزعيم الحركة حسن عويس، فضلا عن التمويل الذي يصل إلى الحركة من الجمعيات القطرية الخيرية مثل «قطر الخيرية» ومؤسسة «راف»، وذلك تحت ستار العمل الإنساني والإغاثي.

ولم تكتف قطر ــ بحسب تقارير صومالية ــ بالتمويل المالي لحركة الشباب، وإنما قدمت لها الدعم والمساندة الإعلامية عبر استضافة قناة الجزيرة لقادة وعناصر الحركة الإرهابية منذ 2007.

مالي

ترتبط الدوحة بعلاقات وثيقة بالجماعات والحركات الإرهابية التي تنشط في شمال مالي، وقد سبق للعديد من وسائل الإعلام الغربية وبالأخص الفرنسية أن نشرت تقارير تؤكد هذا الأمر، تأتي في مقدمتها مجلة «لوكانار أنشينيه» الفرنسية التي نشرت في وقت سابق تقريراً بعنوان «صديقتنا قطر تمول المتطرفين في مالي»، وتضمن تصريحات من مسؤول في المخابرات الفرنسية كشفت أن حركة «أنصار الدين» التابعة لتنظيم «القاعدة»، وحركة «التوحيد والجهاد» المتطرفة في غرب أفريقيا، والانفصاليين الطوارق، تلقوا جميعاً دعماً مالياً ولوجستياً من قطر.

وكان عمدة مدينة «غاو» ــ شمال مالي ــ سادو ديالو قد أكد في لقاء له مع راديو «آر تي أل» الفرنسي، أن قطر ترسل المساعدات والغذاء كل يوم إلى مطارات «غاو» و«تمبكتو»، ودائماً ما تصل هذه المساعدات إلى الإرهابيين في شمال مالي.

كما كانت مرشحة الرئاسة الفرنسية السابقة مارين لوبان قد انتقدت أثناء السباق الانتخابي الدعم المالي الذي تقدمه قطر للمجموعات المتطرفة في كافة دول العالم، وبالتحديد مالي، وفي 2013 نشرت صحف فرنسية تقارير قدمتها الاستخبارات العسكرية إلى رئيس أركان الجيوش الفرنسية، أكدت أن أكثر من حركة في مالي تستفيد من الدعم المالي القطري، سواء بالحصول على مساعدات لوجستية أو مساهمات مالية مباشرة تحت غطاء جمعيات خيرية وإنسانية تنشط هناك.

تشاد

في وقت سابق أغلقت السلطات التشادية السفارة القطرية في العاصمة «نجامينا»، وطالبت السفير القطري بالرحيل عن أراضيها، وخرج وزير الخارجية التشادي إبراهيم حسين طه ليتهم قطر بإيواء ودعم جماعات معادية لتشاد عن طريق تقديم تمويلات لجماعات إرهابية في ليبيا، تعمل على زعزعة أمن واستقرار بلاده، كاشفاً عن وجود مساعدات قطرية تأتي للجماعات الإرهابية في تشاد وبوكو حرام في نيجيريا، وفي منطقة الساحل الأفريقي.

وكان بعض المتمردين من شمال تشاد هربوا إلى جنوب ليبيا ودخلوا في تحالفات مع تنظيم القاعدة، وذلك تحت أنظار قوات ليبية مرتبطة عقائدياً وتنظيمياً بقطر والإخوان.

وفي 2013، فتحت الدوحة أبوابها لمعارضي نظام الرئيس التشادي إدريس ديبي إثنو، وقد شجعت اتحاد قوى المعارضة المسلحة على الإعلان عن استئناف حركة التمرد التي كانت قد توقفت من خلال اتفاقات السلام الموقعة في 2009 بين تشاد والسودان، وتم ذلك الإعلان انطلاقاً من العاصمة القطرية، وعلى لسان تيمان أرديمي أحد أبرز قادة المتمردين، وفي 2010 اشترطت المعارضة التشادية أن تكون قطر الضامن لأي اتفاق سلام مع السلطات التشادية.

وفي أبريل الماضي أذاع التلفزيون الحكومي التشادي لقاءات مع بعض أفراد من المجموعات المسلحة التشادية التي كان يقودها محمد حامد ويوسف كلوتو، والتي أعلنت عودتها إلى شرعية الدولة التشادية، وخلال هذه اللقاءات أكد حامد وكلوتو أنهما شاركا في عمليات إرهابية قادها مسلحو سرايا الدفاع عن بنغازي المدعوم من قطر.

موريتانيا

كانت موريتانيا من أوائل الدول التي سارعت إلى الانضمام لصفوف الدول العربية الأربع ــ الإمارات والسعودية ومصر والبحرين ــ حيث قررت قطع علاقاتها مع قطر، وخرج وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني اسلك ولد أحمد إزيد بيه ليؤكد أن قطر اعتادت على تمويل حركات إرهابية تهدد أمن البلاد.

وعلى مدى السنوات العشر الماضية، كانت موريتانيا تخوض حرباً خفية ضد التدخل القطري في شؤونها الداخلية، وقد وضعت الأجهزة السيادية في موريتانيا يدها على وثائق عدة تكشف تورط الدوحة في دعم الإرهاب بمنطقة الساحل الأفريقي، وتمويل الأحزاب والجمعيات الإخوانية التي تنفذ أعمالاً تخريبية وتحريضية داخل موريتانيا.

كينيا

في 2015، وقعت قطر مع كينيا مذكرة تفاهم، حيث تسعى قطر منذ سنوات للاستحواذ المالي على المؤسسات الكينية، عبر بنك قطر، وتحت ستار العمل الإنساني والإغاثي قدمت الدوحة مساعدات لبعض الحركات المتطرفة في كينيا عبر بوابة مؤسسة «قطر الخيرية» التي نشطت هناك منذ سنوات.

إثيوبيا

في 2008، اتهمت السلطات الإثيوبية قطر بدعم إريتريا ــ العدو اللدود لأديس بابا ــ ضد بلادها، وقررت أديس بابا قطع علاقاتها مع الدوحة، كما اتهمتها بتمويل المتطرفين الصوماليين الناشطين على الحدود الإثيوبية، لكن مع اشتعال الأزمة بين مصر وإثيوبيا بسبب سد النهضة، سعت قطر إلى التقرب من إثيوبيا، وقدمت لها دعماً يساعدها في بناء السد بقيمة 500 مليون دولار، وذلك خلال زيارة أمير قطر تميم بن حمد لإثيوبيا العام الماضي.

وتعليقاً على الأدوار المشبوهة التي تلعبها الدوحة في أفريقيا، أوضح مصطفى صلاح، باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن أغلب المراقبين لشأن القارة السمراء ينظرون بكثير من التوجس والريبة للحضور القطري المكثف والمتنامي في المنطقة الأفريقية، حيث لا تكاد تخلو دولة أفريقية من تواجد قطري ظاهره الاستثمار، وباطنه زرع بذور الفوضى والفتنة وعدم الاستقرار.

وقال: لقد امتطت قطر صهوة المال السياسي والاستثمار الاقتصادي بأرقام فلكية تفتح الشهية الأفريقية للوصول لأهدافها المعلنة وغير المعلنة، مسنودة بالذراع الإعلامية الطويلة، الذي تهش به على هذه الدولة أو تلك نبشاً في شؤونها الداخلية لتثير لها القلاقل والإشكاليات السياسية، إذا لم ترضخ للمطالب القطرية، وبدأت الدوحة بسياسة لي الذراع في المنطقة الأفريقية المغاربية، من خلال بث قناة الجزيرة القطرية لعدد من التقارير المشوهة للوضع المغاربي، خاصة في المغرب وتونس والجزائر وأخيراً موريتانيا، وفي ليبيا وحدها ضخت قطر بعد الإطاحة بالقذافي عشرات المليارات تحت مظلة استثمارات لم يجن الليبيون من حصادها سوى تدمير البلاد وتمكين الجماعات المتطرفة.

وأضاف: هذا النفوذ القطري المريب في المنطقة الأفريقية، يؤكد أن أغراضه السياسية خطيرة على المنطقة، خاصة إذا نظرنا لحصاد هذا النفوذ في بعض الدول التي تم تنفيذ السيناريوهات المشبوهة فيها، كتونس وليبيا ومالي مثلا، حيث قررت الإدارة القطرية أن تجعل من تونس ساحة خلفية لتدمير ليبيا خلال الثورة على القذافي، وهناك من يرى أن قطر خططت كي تبسط نفوذها في تونس، وتحولها لمزرعة لمشروعاتها السياسية المتهورة، ففي كتابه «الوجه الخفي للثورة التونسية» يكشف المازري الحداد السفير التونسي السابق لدى اليونسكو أن ما حدث في تونس، كان انقلاباً قادته قطر، وحولت تونس إلى مركز لعملياتها الداعمة للميليشيات المسلحة، كما سيطرت على 3 مطارات في جنوب البلاد، وهي مطارات رمادة وجربة وقابس، وميناء جرجيس البحري، وحولتها إلى منافذ لتوريد الأسلحة والذخيرة، ثم تهريبها إلى ليبيا في صناديق تحمل شعارات الإغاثة والعمل الإنساني.

وتابع: ورغم غموض الأجندات القطرية التي طافت كل أرجاء القارة السمراء، منتهزة الأوضاع الاجتماعية الصعبة لكثير من البلدان الأفريقية، والتوترات والقلاقل التي تحدث في هذا البلد أو ذاك، والاحتكاكات التي تحدث بين بلدين متجاورين، يعتبر بعض المراقبين أن دافعها الأساسي هو الجنوح للزعامة الوهمية كي تظهر قطر الصغيرة بحجمها باسطة نفوذها في القارة الأفريقية من خلال زرع خلايا تابعة لها تعمل على الاستيلاء على السلطة في هذا البلد أو ذاك، ولا تستثني السياسة القطرية أي شبر من القارة السمراء، فحسب معهد الدراسات الأمنية الأفريقية، تسعى قطر من خلال تغلغلها في أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي تحديداً، لبسط السيطرة على أحد أهم المناطق التي تؤثر على الملاحة البحرية في المنطقة، فقد تدخلت في صراعات بين السودان وأريتريا، والصومال وإثيوبيا، وأريتريا وجيبوتي.

وأوضح أن السنغال لم تسلم من التدخل القطري، فقد انتقد سياسيون سينغاليون تدخل قطر لدى السلطات السنغالية لإطلاق سراح الوزير السابق كريم واد نجل الرئيس السنغالي السابق عبدالله واد، معتبرين أن الأمر شأن داخلي، لا يحق لأي دولة أجنبية التدخل فيه، وانزعج السنغاليون أكثر عندما غادر كريم واد الأراضي السنغالية متوجهًا للدوحة بعد ساعات قليلة من إطلاق سراحه، عقب أن أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، وكان القضاء السنغالي حكم على كريم بالسجن 6 سنوات بتهمة الإثراء غير المشروع، واختلاس قرابة 200 مليون دولار خلال حكم والده ،حيث شغل مناصب حكومية سامية، لكن قطر ضغطت على السنغال حتى أطلقت سراحه، وبدأ تحضير حملته الانتخابية لرئاسة السنغال من الدوحة.

وبدوره، أكد اللواء عبدالمنعم كاطو، الخبير العسكري الاستراتيجي، أن شبكة الإرهاب في العالم كله متشابكة مع بعضها البعض سواء في أفريقيا أو آسيا أو أوروبا، مشيراً إلى أن التمويل والدعم الذي تجده التنظيمات الإرهابية الموجودة حالياً في أفريقيا مثل «بوكو حرام» هو نفسه ما تجده جبهة النصرة في سوريا، والإخوان في مصر وليبيا، والقاعدة وداعش في العراق وسوريا، إذ أنها شبكات متشابكة، وكل شبكة عندما تجد دعماً من دولة ما لشبكة أخرى تحاول أن تأخذ نفس الدعم بتقديمها فروض الولاء والطاعة، وهو ما لعبت عليه قطر بما تملكه من مال، وذلك عندما رأت أنه بإمكانها السيطرة على معظم الدول من خلال دعم هذه الجماعات الإرهابية التي جعلت للدوحة دوراً سياسياً.

وقال كاطو: عندما نتساءل هل لقطر دور في دعم الجماعات الإرهابية في أفريقيا؟ تكون الإجابة بالتأكيد نعم الدعم موجود، فهناك أموال مدفوعة للجماعات الإرهابية ومنها الإخوان والقاعدة والعناصر التي تهاجم ليبيا، وبهذا الشكل تأخذ بوكو حرام أيضاً الدعم من قطر، فنجد أن التمويل القطري منتشر لكل من هو إرهابي يحاول أنه يقدم خدماته للدوحة.

وأوضح كاطو أن الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني المنتشرة في أفريقيا ما هي إلا آلية للتغطية على تمويل الجماعات الإرهابية، وتتخذها قطر وسيلة لدعم الإرهاب والتأثير على الدول الأفريقية.

الدوحة تعيد التوتر إلى حدود جيبوتي

منذ سنوات عديدة، تشهد منطقة القرن الأفريقي توترات عنيفة بين جيبوتي وإريتريا، وكانت قطر تشارك في قوات حفظ السلام بمنطقة «رأس دوميرة»، وهي منطقة تتنازع عليها كل من جيبوتي وإريتريا وتدعي كل منهما أن لها الحق في السيادة عليها، ولكن فجأة ودون مقدمات قامت قطر بسحب قواتها الأمر الذي ساهم في تصاعد حدة التوتر بين البلدين.

ويعود التواجد القطري في المنطقة إلى عام 2011، حينما لعبت قطر دور الوسيط بين جيبوتي وإريتريا لإنهاء نزاع مسلح بينهما على المناطق الحدودية، والذي كان بموجبه، تنشر قطر 450 جندياً على المناطق الفاصلة بين الدولتين لمنع تكرار الاشتباكات، إلا أن قيام قطر بسحب قواتها من المنطقة الحدودية بين البلدين، قد جدد الخلافات بين الجانبين. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة جاءت من قبل قطر بهدف معاقبة جيبوتي بسبب انضمامها للدول العربية الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) المقاطعة لقطر، وقيامها بتخفيض التمثيل الدبلوماسي في الدوحة في ظل الاتهامات التي تواجهها قطر بدعم الإرهاب والتدخل في شؤون الدول العربية وتهديد استقرار الدول.

وكانت جيبوتي قد أعلنت رسمياً عن اعتراضها على الخطوة القطرية لدى الأمم المتحدة، وأرسل وزير الخارجية الجيبوتي إلى مجلس الأمن رسالة ألقى فيها باللوم على قطر لقيامها بسحب قواتها بشكل أحادي دون أي مشاورات معها، وهو تصرف، بحسب وزير الخارجية الجيبوتي، قد خلق فراغاً، وحذر الوزير الجيبوتي من أن هذا التصرف القطري، قد يتسبب في اندلاع حرب بين البلدين في أي لحظة.

المصدر: الاتحاد