عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية
مثل الربيع العربي اهم المنعطفات في السياسة الدولية منذ احداث سبتمبر 2001م وتزامن ذلك مع انحسار تدريجي للقوة الامريكية بسبب الازمة الاقتصادية وخسائر الحرب على العراق وأفغانستان مما جعل روسيا تستغل ذلك عبر العودة التدريجية للشرق الاوسط للبحث عن الدور المفقود ونجحت الى حد كبير في حشد التأييد الصيني والايراني لملء جزء من الفراغ الامريكي في الشرق الاوسط والذي تزامن مع انكفاء تركي نتيجة القلق من انعكاسات الوضع السوري على الداخل التركي، ولقد اثبتت الازمة السورية ان الشرق الاوسط يشهد تحولا في مراكز القوة واعادة تشكيل الوضع الاستراتيجي واعادة ترتيب الأدوار السعودية والتركية والإيرانية.
ويفرض الدور العدائي الروسي في سوريا والمشاريع الايرانية والمتمثلة في تقوية سيطرتها في العراق ولبنان والبرنامج النووي الإيراني وخططها لاستغلال العامل الطائفي في الدول العربية حتمية قيام السعودية بإعادة تنشيط قواها الذاتية وبرمجة عوامل التفوق الاستراتيجي لديها واعادة تحديد مصالحها بكل واقعية لمواجهة السياسات العدائية وإيجاد الخطط المضادة لها للتقليل من خطرها.
وبقدر ما تمثل الاخطار الحالية والتحديات الكبيرة تحديا امام السعودية فإنها تمثل فرصة ايضا في نفس الوقت وخاصة على المستوى الاقليمي وتتمثل في استعادة دورها وما تحتاجه فقط يتمثل في تعزيز الجبهة الداخلية ورفع مستوى المشاركة من الجميع واستغلال كل الطاقات والحاجة لخطاب اعلامي جديد والتحدي الاكبر هو اعادة النظر في اداء الدبلوماسية السعودية من حيث المبادئ والاولويات والادوات والحاجة لضخ دماء جديدة تتمتع بالمرونة وتفهم الاوضاع الجديدة في الوطن العربي والنزول من برجها العاجي ومواجهة الواقع الجديد والذي يستند على التعامل المباشر مع كافة طبقات المجتمع واطيافه الدينية والفكرية والاستعداد لتنافس جديد مع الدبلوماسيتين التركية والايرانية واللتين تمتلكان خبرة اكثر في الدبلوماسية الشعبية.
تمثل عودة الامير بندر بن سلطان فرصة جديدة لانه يمتلك الخبرة والعلاقات الدولية اللازمة ولديه القدرة على استثمار الفرص وتشخيص المتغيرات ومنح المملكة دورا جديدا اساسه اخذ زمام المبادرة وعدم انتظار الازمات، كما انه وبشهادة الكثير يمثل رأس مال سياسي سعودي خاص وقوي وشخصية وقفت في قلب احداث العالم السياسية لعقود كما ذكرت ذلك مارغريت تاتشر كما انه ما زال من اكثر الشخصيات السعودية اثارة للاهتمام في العالم.
خادم الحرمين رأى ان هناك فرصة تاريخية تلوح امام السعودية وان هذه الفرصة يجب استغلالها وإذا لم تستغل فلن تتكرر بسهولة ربما خلال عقود قادمة وبلا شك فإن قيادة السعودية اصدقاء الشعب السوري لتحريره وإنقاذه من المجزرة سيجعل السعودية نجم المنطقة القادم وهي مهيأة للعب هذا الدور خاصة وان الإسلام اصبح مكونا فكريا ثابتا لمعظم الحكومات الجديدة في المنطقة.
المصدر: اليوم