رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
منحت البنوك الوطنية أعضاء مجالس إداراتها وكبار التنفيذيين فيها، البالغ عددهم 360 عضواً ومديراً تنفيذياً، مكافآت ورواتب وتعويضات بلغت قيمتها 738 مليون درهم، هذا الرقم ليس محض تخمين بل من واقع البيانات السنوية لـ17 بنكاً مدرجة في سوقَي دبي المالي وأبوظبي للأوراق المالية، من أصل 19 بنكاً، ومع ذلك غضب رئيس مجلس إدارة أحد هذه البنوك من نشرها في «الإمارات اليوم»، وقال: «كيف تنشرون أرقاماً لم يتم الإفصاح عنها من قبل البنك»!
هذا السؤال في حد ذاته غريب جداً، ويثير الاستغراب، فالتقرير السنوي الخاص بهذا البنك وغيره، منشور على موقع سوق أبوظبي للأوراق المالية، وأرقام البنود المذكور فيها الأرقام بالتفصيل، فإن كان الرئيس لا يعرف ذلك فتلك كارثة، وإن كان يعرف ولا يريد أحداً أن يطلع عليها فإنه بذلك يريد إخفاء معلومة واضحة، فهل لنا أن نعرف لماذا القلق من ظهور هذه الأرقام في صحيفة مادامت منشورة رسمياً من قبل هيئة رسمية؟ ولماذا يريد هذا الرئيس إخفاءها؟!
بداية لابد أن يعرف الجميع أنه لا يمكن لصحيفة أو لصحافي أن يتجرأ على تأليف أرقام مالية، ونسبها لجهة بحجم بنك مدرج في أسواق المال، وإذا كان أعضاء مجالس الإدارة لا يعلمون ما كتب في ميزانيات بنوكهم فهذه أيضاً مصيبة، وإذا كانوا يعلمون ويفضلون إخفاءها وعدم نشرها للعامة فالمصيبة أكبر، لسبب رئيس، هو أن البنوك شركات مساهمة عامة، لذا يجب أن يكون كل ما يتعلق ببياناتها متاحاً للمساهمين!
لذلك، وبما أن مثل هذا التوجه موجود لدى مسؤول كبير في بنك معروف، فإن الأمر يتطلب تدخل المصرف المركزي، وذلك من خلال الإسراع بإصدار نظام حوكمة البنوك، الذي أعلن عنه منذ سنوات، ولم يتم الانتهاء منه حتى الآن، فوجود نظام الحوكمة يلزم الشركات المساهمة العامة بالإفصاح الكامل عما يتقاضاه كل عضو من أعضاء مجالس الإدارة، وكذا كبار التنفيذيين، وتالياً من حق المساهمين الاطلاع عليها بالتفصيل، ومن حقهم مناقشتها، وإبداء رأيهم فيها.
نظام الحوكمة مطبق على جميع الشركات المساهمة العامة في الدولة، ما عدا البنوك، فهي تنتظر صدور النظام من المصرف المركزي، كما أن هيئة الأوراق المالية تقوم بمراجعة البيانات المالية للشركات المدرجة، ما عدا البنوك التي يدقق على بياناتها ويوافق عليها المصرف المركزي، لذا فمن الضروري صدور النظام من قبل المصرف المركزي.
عموماً عندما نشرنا الأرقام في الصحيفة، كان النشر مجرداً من أي تلميح أو تحليل، بل هو رصد دقيق بلغة الأرقام، لم نقل إن ذلك الرقم مبالغ فيه، ولم نقل إن أعضاء مجالس الإدارات لا يستحقونه، وندرك تماماً أن هناك من يرى أن هذه الأرقام عالية، ومنهم من يراها عادية وطبيعية، لأنها مرتبطة بأرباح البنوك، ومادامت البنوك حققت أرباحاً عالية فإن من حق إداراتها العليا أن تحصل على مزايا وتعويضات تتناسب مع ما قدمته من جهد.
لسنا مع أي فئة، لكننا مع المجتمع، فمساهمات البنوك المجتمعية كانت ضعيفة جداً، عندما قمنا بمثل هذا الرصد لأول مرة، العام الماضي، عن ميزانيات 2016، بل إن بعض البنوك لم يكن يخصص أصلاً بنداً للمساهمات المجتمعية، وها هي المساهمات تصل إلى267 مليوناً خلال العام الماضي، وهذا هو المهم.
المصدر: الإمارات اليوم