«هذه القهوة.. مرة!»
كنّتُ صغيراً على القهوة.. لكنْ.. ذاتَ مرةْ.. ذقتُ فنجانَ أبي.. قلتُ: أبي هذه القهوةُ مُرّةْ.. يا أبي باللهِ سُكّرْ.. قال دعها لستَ مجبرْ.. قال جدي باسماً: مازال طفلاً.. وأخي الأصغرُ.. يرمى غمزةً نحوي ويسخرْ.. وأنا من خجلي.. أصبحتُ أصغرْ.. بالطبع فأجواء القهوة في قصيدة صالح الحربي الشهيرة هي تلك القهوة التي «كنا» نعرفها، ولكنها الآن ارتبطت بعدد من الرحلات البرية التي نحاول فيها تأكيد ملكية ما نحمله من «دي إن إيه»، أو لأننا نحس فعلاً بأن صورة الدلة والجمر أسفلها والخلفية الرملية المميزة تلك، وألوان الجلسة العربية تكون أجمل عند وضعها على «إنستغرام» فقط ليس إلا! وأمّا الحقيقة فهي أن المزاج لا «يتقند» إلا بكؤوس تحمل أسماء لم يسمع بها الأجداد، بدءاً من «الإكسبريسو»، وليس انتهاء بـ«الموكاتشينو»! أنت تعرف كيف تقيّم الشخص بالطبع حين تسأله ما الذي تحب أن تشربه؟! فإن قال: قهَّوة بفتح وتشديد الهاء وضعته في القائمة السوداء، على عكس ذلك الراقي الذي يقول لك، «لايت موهاتشينو وذ لتل كريم أند كليفليوم»، تحس بأنك تحسده على الجدول الدوري الذي ينطقه بلا أخطاء! كان فنجانُ أبي في المنتصفْ.. رفع الفنجانَ هوناً وارتشفْ.. رشفةً أولى.. وأخرى في شغفْ.. الأمر ليس له علاقة بالموروث فقط، ولكنها صورة السعادة الحقيقية التي يطمح إليها كل «شارب» وكل «نديم»، فالصورة النمطية للسعادة لم يعد…