حول الانسحاب الروسي من سوريا
بقيادة فلاديمير بوتين، خرجت روسيا من كبوتها، الكبوة التي تسبب فيها سقوط الدولة السوفييتية. وبرزت روسيا الاتحادية مجدداً، كقوة عسكرية واقتصادية. وكان لا بد أن يترجم ذلك، باستراتيجيات جديدة، تعبر عن فائض هذه القوة. وخلال السنوات الأخيرة، أعادت روسيا حضورها، في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة، وكان آخر ترجمة لهذا الحضور، ما حدث في أوكرانيا، والذي انتهى بعودة شبه جزيرة القرم، لدولة روسيا الاتحادية. اتخذت روسيا قرارها الاستراتيجي، بالتدخل العسكري في سوريا، للحفاظ على آخر موقع استراتيجي لها بالمتوسط، ولإنهاء حالة الانكفاء، والخروج بقوة إلى المسرح الدولي. والقرار رغم شكله المفاجئ، لم يكن وليد لحظة، من لحظات الأزمة السورية، بل سبقته مؤشرات وإفصاحات عديدة، لم تقتصر على حق النقض الذي استخدمته روسيا والصين، ثلاث مرات، لمنع صدور أي قرار أممي يجيز التدخل الأممي في الشأن السوري. المفاجأة الكاملة، هي في قرار بوتين، ومن غير مقدمات، سحب القوة العسكرية الأساسية الروسية من سوريا، في وقت كانت فيه هذه القوات تتقدم على كل الجبهات، فيما بات معروفاً بالحرب على الإرهاب. ومما يضاعف من المفاجأة، أنها أخذت مكانها، قبل أيام قليلة من انعقاد مؤتمر «جنيف3»، لإيجاد مخرج للأزمة السورية. قيل إن قرار الانسحاب، كان تعبيراً عن غضب روسي، من تصريحات، صدرت عن وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، والمندوب الدائم للجمهورية العربية السورية، بشار الجعفري.…