د. يوسف مكي
د. يوسف مكي
كاتب سعودي

حول الانسحاب الروسي من سوريا

الأربعاء ٢٣ مارس ٢٠١٦

بقيادة فلاديمير بوتين، خرجت روسيا من كبوتها، الكبوة التي تسبب فيها سقوط الدولة السوفييتية. وبرزت روسيا الاتحادية مجدداً، كقوة عسكرية واقتصادية. وكان لا بد أن يترجم ذلك، باستراتيجيات جديدة، تعبر عن فائض هذه القوة. وخلال السنوات الأخيرة، أعادت روسيا حضورها، في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة، وكان آخر ترجمة لهذا الحضور، ما حدث في أوكرانيا، والذي انتهى بعودة شبه جزيرة القرم، لدولة روسيا الاتحادية. اتخذت روسيا قرارها الاستراتيجي، بالتدخل العسكري في سوريا، للحفاظ على آخر موقع استراتيجي لها بالمتوسط، ولإنهاء حالة الانكفاء، والخروج بقوة إلى المسرح الدولي. والقرار رغم شكله المفاجئ، لم يكن وليد لحظة، من لحظات الأزمة السورية، بل سبقته مؤشرات وإفصاحات عديدة، لم تقتصر على حق النقض الذي استخدمته روسيا والصين، ثلاث مرات، لمنع صدور أي قرار أممي يجيز التدخل الأممي في الشأن السوري. المفاجأة الكاملة، هي في قرار بوتين، ومن غير مقدمات، سحب القوة العسكرية الأساسية الروسية من سوريا، في وقت كانت فيه هذه القوات تتقدم على كل الجبهات، فيما بات معروفاً بالحرب على الإرهاب. ومما يضاعف من المفاجأة، أنها أخذت مكانها، قبل أيام قليلة من انعقاد مؤتمر «جنيف3»، لإيجاد مخرج للأزمة السورية. قيل إن قرار الانسحاب، كان تعبيراً عن غضب روسي، من تصريحات، صدرت عن وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، والمندوب الدائم للجمهورية العربية السورية، بشار الجعفري.…

بعد 14 عاماًعلى إعصار سبتمبر

الثلاثاء ١٥ سبتمبر ٢٠١٥

سيظل التاريخ يحتفظ في ذاكرته، صباح يوم الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001م، باعتباره يوماً ليس كسائر الأيام. ففي ذلك اليوم جرحت القوة الكبرى في العالم، في عنصري قوتها: الاقتصاد والمؤسسة العسكرية. فقد استهدف الهجوم الانتحاري الذي نفذه تنظيم القاعدة، بطائرات مدنية برجي مركزالتجارة الدولي في نيويورك رغم العظمة الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية، كما استهدف جزءاً من مبنى البنتاغون، في العاصمة الأمريكية واشنطن، رمز القوة العسكرية. كان واضحاً، منذ البداية، أن الحدث قد طوى صفحة من التاريخ، لتبدأ أخرى، وأن عالم ما بعد هذا الحدث، لن يكون شبيهاً بما قبله. كانت أولى إسقاطات هذا الحدث، بالنسبة للداخل الأمريكي، هي عودة المكارثية، بوجهها القبيح، حيث تعرضت الحقوق الفردية للمحاصرة، في بلد يعتبر أن من أهم مميزات نظامه احترام حقوق الفرد. واقتبس الرئيس الأمريكي جورج بوش، من غرمائه في تنظيم القاعدة، تقسيم العالم إلى فسطاطين، فسطاط الخير وفسطاط الشر. وأن «من لم يكن معنا فهو ضدنا». أعلن عن قائمة فسطاط الشر، وسميت دول بعينها، كبلدان مستهدفة، لمحاربة الإرهاب، التي أعلن عن أنها ستكون حرباً عالمية، لا تبقي ولا تذر، وأنها ستشمل جميع «أشرار العالم». ورغم أن قائمة الدول المستهدفة كانت طويلة، فإن محور الشر، وفقاً لتصريحات الرئيس الأمريكي، شمل العراق وكوريا وإيران. وعلى الصعيد العملي، فإن أياً من الدول المذكورة، لم يجرِ استهدافه،…