الأحد ٠٧ يناير ٢٠١٨
خاص لـ هات بوست : يعتبر التنزيل الحكيم كتاب "المسلمين" الذي أرسله الله لهم، ولا يقبلون بالطبع ما يشكك بقدسيته، ويعادون أي طرح يضعه تحت مجهر التمحيص أو البحث، حتى أنهم لا يمسون الورق الذي طبع عليه ما لم يكونوا بكامل طهرهم، ويزينون بنسخه مكتبات بيوتهم، ويتفاخرون بتوزيعه في الأفراح والأحزان، وقد تبدو هذه الأمور كلها محمودة، علماً أن وضعه موضع التمحيص لا يقلل من شأنه بل على العكس يثبت مصداقيته، لكن كل هذا التكريم الشكلي الذي يعبر عن احترامهم لهذا الكتاب،يتناقض مع اعتمادهم قواعد وعلوم تشكل الحجر الأساس للفقه الموروث برمته، كأطروحة الناسخ والمنسوخ مثلاً، أو "علم أسباب النزول". فالمسلمون لا يجدون حرجاً في اعتبار أن الله تعالى قد بدل رأيه (حاشاه) وأعطاهم في كتاب واحد حكم ونقيضه، إذ يرون مثلاً أن قوله تعالى {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (الأنعام 106) أو قوله {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (النساء 92) قد نسختهما الآية {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} (التوبة 5)، وبالتالي بموجب فهم مغلوط وعم تمييز بين النبأ والخبر وبين القصص القرآني التاريخي والأحكام الصالحة لكل زمان ومكان، حولوا رسالة الرحمة إلى رسالة قتل وذبح، والأمثلة كثيرة، ولم يجدوا حرجاً في القول أن هناك آيات برمتها…
الأربعاء ٢٠ ديسمبر ٢٠١٧
خاص لـ هات بوست : ينص الدستور في معظم الدول العربية على أن "الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع"، عدا عن أن "دين الدولة الإسلام" أو "دين رئيس الجمهورية الإسلام" في حالات عدة، وتعتمد "الشريعة الإسلامية" بدورها على مصادر أربعة هي كما وردت في الفقه: القرآن الكريم - السنة - الإجماع – القياس. واعتبر "المسلمون" على مدى عقود من تاريخ إنشاء الدستور في دولهم أن هذا حق طبيعي بصفتهم الأكثرية، فالإسلام بالنسبة لهم هوية في ظل التباس شاب تحديد هذه الهوية ما بين الوطن والقومية والأمة، ومن ثم فإن اعترافه بأركان الإسلام الخمسة "المزعومة" تحدد أهلية الفرد لاعتلائه أعلى منصب في الدولة، ولا أهمية هنا للمرجعية الأخلاقية، واعتمدت القوانين لا سيما في الأحوال الشخصية والجنايات على أحكام "الفقه الإسلامي" وألزم بالتالي الناس على التعامل مع ما رأه الشافعي أو أبو حنيفة مناسباً لمجتمع العصر العباسي، كرهاً أو طواعية، فحتى من شعر بالظلم فإن "الله" قد أراد ذلك، ولا يملك اعتراضاً أمام حكم الله. فإذا عدنا للتنزيل الحكيم وجدنا بداية أن {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (البقرة 256) والإكراه عادة بيد من يملك أداته، وهو السلطة، و "لا" نافية للجنس، أي لا سلطة للدين، وحكم الله هو محرماته التي تشكل القيم الأخلاقية المتراكمة عبر آلاف السنين من تطور الإنسانية، ابتداءً من بر…
الثلاثاء ٠٥ ديسمبر ٢٠١٧
خاص هات بوست : استفاق العرب و"المسلمون" منذ برهة، ليجدوا أنفسهم في مواجهة خطر محدق بهم، في عقر دارهم وخارجها، لا يقتصر على تهديدهم كمجتمعات ودول، إنما يرتكب باسمهم الجرائم بحق شعوب العالم، وتراكضوا ليحاربوه بشتى الوسائل، دونما تعمق في مكامن الخلل، الذي يتطلب المعالجة وإلا سيطل برأسه كلما أتيحت له الفرصة، ورغم أن اعترافنا بوجود المشكلة يضع قدماً على طريق الحل، إلا أن الكثيرين يأبون الاعتراف بها، فالموضوع برمته بالنسبة لهم لا يعدو كونه "مؤامرة على الإسلام"، باعتبار أن مجتمعاتنا متدينة باعتدال، ولم يعرف عنها دعوتها لعداء الآخر، والعيش المشترك مع الملل الأخرى هو السمة الغالبة. ولكن لب المشكلة يكمن هنا، في "المجتمعات المتدينة"، فما وجدنا عليه آباءنا هو ما نحن عليه منذ ألف وأربعمائة عام، وعلاقتنا مع الله تحكمها الشعائر الجماعية، وتقييمنا كأفراد يتأتى من خلال التدين الجماعي حتماً، فالإنسان يقيّم من خلال الشعائر، فيصبح من يقيم الصلاة في المسجد هو بالضرورة صادقاً أميناً مؤدباً، وبالتالي يستطيع أن يشهد زوراً بكل أريحية، وتصبح الفتاة "المحجبة" هي العفيفة، بينما السافرة قابلة لأن توصف بأقذر الصفات، حتى لو كانت عالمة ذرة، أما من يصم رمضان فهو التقي الزاهد، بينما المفطر "دمه دم الخنازير"، وبالتالي أصبح المجتمع منافقاً، نفاقاً اجتماعياً كاملاَ، تهمه مرضاة من حوله لا مرضاة الله، ومن ثم انحسرت…
السبت ١٨ نوفمبر ٢٠١٧
خاص لـ : هات بوست يعتقد كثير من "المسلمين" أن الملل الأخرى قد حرفت الرسالات التي جاءتها وبدلتها،فانتابها الشرك أو البعد عن الرسالة الحقيقية، في حين أن الإسلام هو الرسالة الوحيدة الصافية التي لم يخالجها الخلط والتبديل، ولكن لا يصعب على المتدبر في التنزيل الحكيم أن يرى مدى انحراف الإسلام الذي نشأنا عليه ونقدمه للعالم، عن إسلام التنزيل الذي حمله الرسول محمد بن عبد الله (ص) بخصائصه الثلاث الرحمة والعالمية {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (الأنبياء 107) والخاتمية {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} (الأحزاب 40) و {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} (المائدة 3). فالرسالة المحمدية رسالة رحمة، رفعت عن كاهل الناس الإصر والأغلال، وأحلت كثيراً مما حرم في سابقاتها، وخففت العقوبات إلى الحد الأدنى، وتكمن عالميتها في تطابقها مع الفطرة الإنسانية لأهل الأرض، بحيث يمكننا التحقق من "صدق الله العظيم" في مدى انسجام ما يطبقه معظم الناس مع تعاليمها، وضمها للناس جميعاً تحت لوائها وفق معيار التقوى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات 13)، أما أهمية خاتميتها فتكمن في إعلانها صلاحية الإنسانية للعيش دون الحاجة لرسالات…
الأحد ٠٥ نوفمبر ٢٠١٧
خاص ل هات بوست : لا يكاد يمر أسبوع إلا ويسقط فيه ضحايا أبرياء في مكان ما من هذا العالم تحت شعار الإسلام، وآخر حادثة قبل كتابة هذا المقال جرت في مانهاتن في الولايات المتحدة، ناهيك عن ضحايا في سوريا والعراق واليمن ومصر يسقطون دون ضجة تذكر، ونجد أنفسنا كمسلمين في موقع الدفاع عن النفس وتبرير الأفعال، ويخرج علينا فقهاء الفضائيات ليستنكروا ويبرؤا الإسلام من تهم الإرهاب وترويع الأبرياء. وإذ ألفي نفسي متهماً بشكل أو بآخر، فأنا كاتب هذه السطور لا أرى أي عامل مشترك بيني وبين هذا الشخص الأوزبكي في مانهاتن، وأستطيع القول بكل راحة أني بريء منه ومن دينه، مهما كانت جنسيته، فهو لا يمت لي بأدنى صلة، وإلهه ليس إلهي، وأستطيع أن أقرأ عليه قوله تعالى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ* وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}(الكافرون) فما أعبد هو الله الذي لا إله إلا هو، الرحمن الرحيم، وسعت رحمته كل شيء، لم يأمرني بقتل أحد، بل أعطاني مثالاً صريحاً عمن يخاف رب العالمين منذ بدء الخلق وقبل ارتقاء الإنسانية لتصل كما يفترض إلى أعلى سلم القيم {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ…
الخميس ١٩ أكتوبر ٢٠١٧
خاص لـ هات بوست : مع التطور التكنولوجي الهائل لا يمكن لأجيال اليوم أن تتخيل كيف كنا نعيش قبل عصر الهاتف المتحرك أو وسائل التواصل الحديثة، ولا يمكنها استيعاب أن جيلنا كان يتلقى الرسائل المكتوبة التي قد يستغرق وصولها أشهراً عبر البريد بين أنحاء العالم، ورغم كل هذا التطور فإن الأخبار تفتقر إلى الدقة، وتبقى رهن وسيلة الإعلام وحياديتها، فتخضع للمبالغة تارة أو لإهمال جزء من الحقيقة تارة أخرى، أو الحقيقة كلها في بعض الأحيان، والمفارقة أن ترى من يقتنع بعدم دقة أخبار اليوم ومع ذلك لا يقبل بأي حال التشكيك بأخبار أحداث حصلت منذ 1400 عام، سجلها من سمع بها بعد ما لا يقل عن مئتي عام من حدوثها، وقد سمعها بدوره من أحد أصحاب المغازي وهو يرويها في جلسة ما، وقد لا يعنينا الأمر لو أن أضراره تقف عند التصديق بخبر ما من عدمه، لكن يعنينا إذا علمنا أن هذا الأمر هو ما بني عليه ديننا، بكل ما يحمل ذلك من تحريف وتشويه للإسلام، انعكس وينعكس على حياتنا اليومية وعلاقتنا مع الآخر، ويطال سلامتنا وسلامته في كثير من الأحوال. فنحن كأمة إسلامية، تتبع الرسول محمد بن عبد الله (ص) في شعائرها، نؤمن أن كتابنا الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه هو التنزيل الحكيم، بكل ما جاء بين…
الخميس ٠٥ أكتوبر ٢٠١٧
خاص هات بوست : يعتبر الإسلام نقطة فاصلة في تاريخ الإنسانية، إذ شكلت الرسالة المحمدية قفزة معرفية واجتماعية في خط سيرها، قد يجد البعض مبالغة في هذا الكلام، أو يظن أننا نطلقه جزافاً من باب المغالاة، لكنه حقيقة لا تخفى على قارىء التنزيل الحكيم، سواء لأحكام جاءت منسجمة مع فطرة الله التي فطر الناس عليها، أو من قصص قرآني، وقصص محمدي لأحداث جرت خلال سنوات البعثة. فالرسالة المحمدية أعلنت ختم الرسالات، وبالتالي صلاحية الإنسانية للتشريع لذاتها، ضمن حيز كبير جداً، تحكمه خطوط عريضة (الحرام) تتفق عليها كل الشعوب والأمم، كذلك أعلنت المساواة بين الناس جميعاً، بغض النظر عن جنسهم ولونهم وعرقهم، والمعيار الوحيد للتقييم عند الله هو التقوى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات 13)، وبناءً على ذلك أسس الرسول محمد (ص) دولته، حيث الناس متساوون، لا رق بل عقود، والأنثى صنو الذكر، وكل امرئ مسؤول عن عمله، وعن علاقته مع ربه {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} (الكافرون 4- 6) والحكم شورى بين الناس {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} (آل عمران 159)، لكن للأسف هذه القفزة لم تستمر بل عاد خط التاريخ لسيره الطبيعي، لتصل…
الأربعاء ٢٠ سبتمبر ٢٠١٧
خاص لـ هات بوست : لا يكاد يمر يوم إلاونثبت كأمة أننا "آثمون"، والأمة هي مصطلح لجماعة ذات سلوك واحد، ولا يمكننا القول أننا أمة الإسلام، فالإسلام وفق تعريفه بالتنزيل الحكيم هو الإيمان بالله الواحد واليوم الآخر واقتران هذا الإيمان بالعمل الصالح {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فصلت 33)، ونشترك في الإسلام مع كثير من أهل الأرض {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة 62) علماً أن "الصابئين" هم من "صبأوا" عن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى، أي خرجوا عنهم، وبالتالي فإن المسلمين أمم مختلفة، أما نحن كأمة فنتبع الرسول الأعظم محمد بن عبد الله في أداء شعائرنا، من إقامة صلاة وأداء زكاة وصوم رمضان وحج البيت، و"الشعائر" من "شعار"، فإذا عاد أحد من الصحابة اليوم إلى بلد من بلداننا، يمكنه إذا سمع صوت المؤذن العلم أن هناك من يتبعون محمد في هذا البلد، فنحن أمة محمد (ص) التي كرمها الله تعالى بأن أنزل إليها الرسالة الخاتم، بما تحمله من رحمة وعالمية {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (الأنبياء 107) لتكون منارة بين الأمم، تهديهم سبل الرشاد، فابتدأ خطابه لرسوله بقوله {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي…
السبت ٠٢ سبتمبر ٢٠١٧
لا يمكن للمرء وهو يشهد موسم الحج إلا أن يتذكر إبراهيم عليه السلام، حيث يقتدي به الحجيج ضمن شعيرة تؤدى بمناسك معينة، فيتقربون إلى الله العلي القدير في صلواتهم ودعائهم وطوافهم وسعيهم، متساوين في أشكالهم لا فرق بين غني وفقير ولا بين أبيض وأسود، في رحلة يفترض بها أن تشكل غذاءً للنفس، جديرة أن يغفر الله لعبده بعدها ما تقدم من ذنوبه. وإبراهيم لم يكن مجرد نبي، إنما وصفه الله تعالى بأنه "أمة" {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً} (النحل 120) والأمة تعريفاً تجتمع على سلوك خاص بها، فإبراهيم سلك طريقاً تفرد به، في رحلته من الشك إلى اليقين، ومحاججته لله {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} (البقرة 260) وفي هذا النهج الاستقرائي جعله الله للناس إماماً {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} (البقرة 124) وفي مجتمع تعددت فيه الآلهة كان لا بد لإبراهيم من مواجهة أبيه وقومه واعتراضه على عبادتهم للأصنام ثم تحطيمه لها، وبراءته من شرك من حوله {إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} (هود 54)، وفي اختبار آخر لم يتوانى إبراهيم عن تقديم ابنه بناءً على أمر من الله تعالى، فإيمانه…
الأربعاء ٢٣ أغسطس ٢٠١٧
في خطوة جريئة أعلنت تونس اعتماد قوانين جديدة في الأحوال الشخصية، تساوي بين المرأة والرجل في الإرث، وتسمح للنساء "المسلمات" الزواج من غير المسلم، وكما هو متوقع فقد لاقت هذه الخطوة استهجاناً من كل حدب وصوب، إلا فيما ندر، بحجة مخالفة شرع الله والانحراف عن أوامره. ولم يقتصر الاستهجان على المؤسسات الدينية وإنما شمل الأفراد في مجتمعاتنا أيضاً، نساء ورجال على حد سواء، فالرجل اعتبر الموضوع انتقاصاً من حقوقه وسيادته، فيما استساغت المرأة دور المستضعفة، ولطالما دافع العبد عن عبوديته وأبى التحرر من جور سيده، وفي الحالتين لا يمثل الإسلام إلا ذريعة لاضطهاد النساء والتحكم بهن وأكل أموالهن. فإذا كنا نريد الاحتكام للفقه الموروث، فسنرى أن تونس خالفت الشرع وخرجت عما وضعه الشافعي وجعفر الصادق وأبو حنيفة ونقله البخاري ومسلم وغيرهم، أما إذا احتكمنا للتنزيل الحكيم الذي أنزل على محمد من الله عز وجل، فإننا سنجد أن تونس لم تخرج عن شرع الله. ففي موضوع زواج "المسلمة" من "غير المسلم"، حرّي بنا أن نعود لتعريف الإسلام وفق التنزيل الحكيم، وربما من الضرورة بمكان أن نذكر أنفسنا دائماً بهذا التعريف وهو الإيمان بالله الواحد مع العمل الصالح {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فصلت 33) وبالتالي فإن أهل الكتاب مسلمون مثلنا، والخلاف بين الملل…
الأربعاء ٠٩ أغسطس ٢٠١٧
انتهت داعش، أو شارفت على الانتهاء، وانتشر مقاتلوها بين الناس، بين من عاد إلى بلده الأصلي، أو استوطن بلداً جديداً، حاملاً معه أفكاره ذاتها إن لم تكن قد رفدت بما زادها تطرفاً وجهلاً، بانتظار محاولة جديدة لإعادة ما يسمى "دولة الخلافة" في مكان ما في زمان ما. وأغلب الظن أن هذا المقاتل لم يع أن هذه الدولة ما هي إلا أداة في يد قوى كبرى، تخلقها حين تشاء وتمدها بأسباب الوجود وتنهيها بانتهاء مهمتها، لا سيما أنه من السهولة بمكان جمع الكثير من راغبي العيش في كنف الدولة الحلم، بمجرد رفع راية الإسلام، ومبايعة "خليفة" ما، بغض النظر عن اسمه، أهو "الملا محمد عمر" أو "الزرقاوي" أو "أبو بكر البغدادي"، ومن ثم قتال كل من يعادي هذه الدولة، وعندما يحين الوقت يتم القضاء عليها وعلى من احتمى بها فيلوذ البعض بالفرار، وإما أن يبدل ثوبه أو يتغلغل في المجتمع المحيط، فيبث بعضاً مما اكتسبه، وقد يعود لبلد منحته جنسيتها وكامل حقوقه كمواطن، وكله قناعة أن من واجبه القضاء على "دار الكفر" هذه أو استخدامها وفق تعبير أحدهم "كمرحاض لقضاء الحاجة"، ولا يتورع عن قتل أهلها حين تأتيه إشارة ما. والمقزز هنا أن الإسلام أصبح ك "بندقية للإيجار" تسلط عند اللزوم، وثمة مئات آلاف المغفلين المستعدين لحملها، وكلهم قناعة أن ما…