تتمتع دولة الإمارات بنعمة الشمس الساطعة والأسماك الطازجة، وهما ميزتان صحيتان، لكن يبدو أن كثيرين لا يستغلون هذه النعمة للوقاية من بعض الأمراض وفي مقدمتها نقص فيتامين«د»، فغالبية التقارير تفيد بأن نسبة المصابين بهذا الداء من المواطنين والمقيمين تتعدى الـ 78 %، والكل مصاب ما لم يثبت العكس.
هذه النسبة تفوق دولاً عدة لا تشرق عليها الشمس وتعتمد في غذائها على الوجبات السريعة، وهو أمر يدعو إلى الحيرة والاستغراب.
ويعد نقص فيتامين «د» في الجسم من الأمراض الصامتة التي لا يشعر بها الشخص من بداية ظهورها ولكن مع وصولها إلى مرحلة أقل من 30 نانوا تبدأ الأعراض في الظهور مثل الخمول والكسل والآلام في العظام تتحول بعدها إلى هشاشة عظام تعرض الشخص لمجرد وقعة بسيطة إلى كسور قد تحتاج وقتاً طويلاً كي تجبر.
وأكد الدكتور علي السيد مدير إدارة الخدمات الصيدلانية في هيئة الصحة بدبي، أن مشكلة نقص فيتامين «د» وصل إلى مرحلة الوباء، الذي يصيب الكبار والصغار الذكور والإناث من مختلف المراحل العمرية، لافتاً إلى أن استهلاك «صحة دبي» لوحدها من فيتامين «د» يزيد على أكثر من مليون حبة سنوياً، وهو ما يقدر بمئات الملايين من الدراهم سنوياً.
وأشار إلى أن هناك ارتفاعاً حاداً في استهلال فيتامين «د» المعروف بـ«دي 3»، على مستوى الدولة لأن الإصابة به تعتبر من أعلى النسب العالمية رغم أن دولة الإمارات تمتاز بشمس لا تغيب عنها على مدار العام، ومياهها غنية بكافة أنواع الأسماك المعروفة التي تحتوي على فيتامين د.
وحول كيفية أخذ الفيتامين، يقول: تختلف من مريض لآخر حسب نسبة فيتامين د في الجسم يعطى المريض في البداية أقراص أو كبسولات فيها 50 ألف وحدة دولية كل أسبوع لمدة 8 أسابيع وبعدها 5 آلاف وحدة دولية يوم بعد يوم لمدة شهرين، ومن ثم فحص فيتامين «د» إذا كان أقل من 30 نانوغراماً تكرر الجرعة لمدة 8 أسابيع.
ومن ثم يعطى علاج وقائي 800-1000 وحدة دولية أو 50 ألف وحدة كل شهر، أو التعرض الكافي للشمس 30 دقيقة واليدين والأرجل مكشوفة مرتين في الأسبوع بعد الشروق بساعتين وقبل الظهيرة وكذلك العصر قبل الغروب بساعتين.
هشاشة العظام
من جانبه، أكد الدكتور تامر فاروق أخصائي أمراض العظام في مستشفى راشد أن نقص فيتامين «د» لسنوات طويلة يتحول إلى هشاشة عظام، ويصبح معها الشخص عرضة للكسور مجرد أي ضربة حتى لو كانت بسيطة لأن نقص الفيتامين يعد من الأسباب الرئيسية لهشاشة العظام.
وأضاف بأن نقص فيتامين (د) يترك مضاعفات وأعراض على الكبار والصغار وحتى حديثي الولادة، لأنه مسؤول عن امتصاص الكالسيوم من الأمعاء إلى الجسم وبالتالي فان نقص هذا الفيتامين يسبب نقص عنصر الكالسيوم في العظام ويتسبب في كثير من الأعراض والأمراض عند الأطفال منها تقوس الأرجل وتأخر التسنين، كما تكون الأسنان عرضة للتسوس المبكر، كما يسبب لدى الكبار مرض لين العظام.
وأوضح أن زيادة فيتامين «د» في الجسم يؤدي إلى تراكمه في الدم ويسبب زيادة مفرطة في الكالسيوم وتصلب بل وتكلس الشرايين وضعفاً في العضلات وشعوراً بالتعب.
وقال: إن مرض هشاشة العظام يعد من الأمراض الصامتة الأكثر شيوعاً في العالم، ويتسبب في ضعف العظام تدريجياً حتى يسهل كسرها بأبسط المسببات المعروفة، مثل: السقوط وقد يصل الأمر إلى مجرد الانحناء أو السعال عند البعض، كما تكمن خطورته في أنه ليس له أعراض واضحة. يصيب مرض هشاشة العظام الرجال والنساء على حد سواء.
وأضاف بأن المرض يصيب النساء والرجال ولكن النساء في سن اليأس أكثر عرضة للإصابة به من الرجال، حيث إنّ نسبة النساء المصابات بهذا المرض من مجمل المصابين تصل إلى 80%.
وترجع هذه النسبة العالية لإصابات النساء به بعد انقطاع الطمث هو اختلال النظام الهرموني، بحيث ينقص عندهن هرمون الاستروجين مما يمنع العظام عن بناء نفسها، وزيادة كتلتها، مما يؤدي إلى ترققها وبالتالي سهولة كسرها.
وأوضح أن الكثافة العظمية تصل عند الإنسان إلى ذروتها بين عمر 25 و 30 وبعد ذلك يبدأ يخسر ما مقداره 4 بالألف من قوة عظامه كل سنة. ولكنّ السيدة بعد انقطاع الطمث فإن فقدانها للكتلة العظمية يكون أكبر بكثير عن الرجل حيث تصل نسبة الفقدان عندهن إلى 3 % كل سنة، معظم النساء لا يتمتعن في سن اليأس بحياة صحية تسمح لهن بتعويض ما فقدوا من الكثافة العظمية.
وتمر العظام بمرحلة هدم ومرحلة بناء طوال حياتها، أي أن العظام التالفة أو القديمة يتم بناؤها من جديد والتخلص من القديم، حتى سن الثلاثين من عمر الشخص تكون مرحلة البناء أكثر نشاطاً من مرحلة الهدم، مما يؤدي إلى زيادة كثافة العظام وطولها، وبعد هذا السن تنعكس الآلية.
فتكون مرحلة الهدم أكثر نشاطاً من مرحلة البناء، فتبدأ العظام بخسارة كثافتها بشكل تدريجي وبنسبة ثابتة في الحالة الطبيعية، ولكن في الحالة المرضية يكون فقدان الكثافة العظمية أسرع وغير ثابت، بل ومضطرب أيضاً، مما يؤدي في النهاية إلى الوصول لمرض هشاشة العظام.
وأوضح الدكتور تامر أن الأطباء ينصحون باتباع برنامج غذائي غني بالكالسيوم وفيتامين (د)، حيث يعد الكالسيوم من أكثر المعادن المكونة للكثافة العظمية ويمكن الحصول عليها من الأجبان، والحليب، والألبان، والنباتات الخضراء والبقوليات، بينما فيتامين (د) يشارك في تمعدن العظام بواسطة دوره في تنظيم مستويات الكالسيوم والفسفور في الدم وترسيبه في العظام، ومصادره بعد أشعة الشمس هي زيت السمك والحليب وصفار البيض والخضار.
المسببات
بدورها، أفادت وفاء عايش مدير إدارة التغذية السريرية في الهيئة بأن هناك أسباباً عدة لنقص فيتامين «د» منها عدم التعرض الكافي لأشعة الشمس، والتقدم في العمر يقلل من المادة الأساسية المكونة لفيتامين «د» في الجلد، وسوء امتصاص فيتامين «د» في الأمعاء الدقيقة بسبب وجود أمراض في الأمعاء.
كما أن زيادة الوزن تؤدي إلى تجمع فيتامين «د» في الدهون، وقلة فيتامين «د» في حليب الأم وتنصح الأكاديمية الأميركية للأطفال بإعطاء فيتامين «د» من عمر شهرين وبعض الأمراض مثل أمراض الكبد، والكلى، وسوء التغذية، والمرضى الذين يتعاطون أدوية الصرع، والأمراض الوراثية عند الأطفال بسبب زيادة إفراز الفوسفات في الكلية، وتشير إلى أن أبرز المشاكل المترتبة على نقص فيتامين «د».
وقالت: إن 78% وأكثر من سكان الدولة لديهم نقص فيتامين (د)، موضحة أن هذا النقص نتيجة لقلة التعرض لأشعة الشمس في غالب الأحيان. وإن نسبة 81 % من المرضى يعانون من نقص فيتامين «د» بينهم 63 % يعانون من النقص الخطير من فيتامين «د» و ثلاثة أرباع هؤلاء من الإماراتيين، حسب احصائيات مستشفى دبي.
وظائف
وحول الوظائف التي يقوم بها فيتامين (د) في الجسم أضافت وفاء عايش: يساعد على امتصاص الكالسيوم والفوسفات من الأمعاء الدقيقة، وإعادة امتصاص الكالسيوم في الكلية، والمحافظة على نسبة الكالسيوم والفوسفات في الدم، وترسيب عناصر الكالسيوم والفوسفات في العظام مما يعمل على تقويتها ونموها الطبيعي إضافة لانضاج خلايا العظم وتنشيط جهاز المناعة و مقاومة نشاط الخلايا السرطانية.
وأوضحت خبيرة التغذية أن ارتفاع معدل انتشار نقص فيتامين «د» في المجتمع المحلي، ولا سيما عند النساء والأطفال، يحتم التشخيص المبكر قدر الإمكان كما يجب اتخاذ الإجراءات المناسبة من خلال عمل حملات صحية عامة، لتثقيف الجمهور ومطالبة المنظمات الصحية والدوائية والغذائية بضرورة استخدام مكملات الفيتامين، وتدعيم الأغذية بهذه المادة الهامة لمكافحة هذا النقص، وبالتالي لا بد للجهات الصحية من وضع استراتيجيات جديدة تكفل مكافحة هذا المرض عبر إضافة فيتامين «د» في المنتجات الغذائية المختلفة التي يمكن لكل الفئات العمرية استهلاكها في الحياة اليومية.
وشددت على أن الإمارات تحتاج برنامجاً شبيهاً لبرنامج تدعيم الحليب في ثلاثينات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأميركية، الذي أدى إلى القضاء على الكساح هناك، وكذلك قبل عقدين عندما كانت المملكة المتحدة تواجه نقص فيتامين «د» والكساح ونجحت في التغلب على هذه العواقب بواسطة الانتشار الواسع لمكملات فيتامين «د»، كما أن عدة بلدان أخرى تستهلك كمية كبيرة من هذا الفيتامين في المدخول الغذائي من خلال تدعيم الأغذية، المكملات الغذائية، أو الاستهلاك الكبير للأسماك.
أعراض
تظهر أعراض نقص الفيتامين في آلام وضعف العضلات، وآلام في العظام في منطقة معينة من الجسم أو في كل أنحاء الجسم وعندما يقوم الطبيب بالضغط على عظمة الصدر الأمامية والقصبة في الساق يشعر المريض بالآلام واضحة.
مطالبات بحلول عملية للتصدّي لنقص فيتامين «د»
أكد عدد من المتعاملين ممن استطلع «البيان الصحي» آراءهم، ضرورة توفير حلول عملية لمحاربة نقص فيتامين (د) وما يسببه من مشكلات صحية لدى الأفراد، ومن هذه الحلول أن تخصص جهة العمل وقتاً لموظفيها لممارسة الرياضات الخفيفة يومياً، وتنفيذ حملات توعية واسعة بخطر الإصابة بمرض نقص فيتامين “د”، فضلاً عن الفحوص الدورية وإدراجها مع العلاج ضمن التأمين الصحي لكافة الفئات، للحد من الإصابة بهذا المرض الصامت.
حملات
وطالب عبود لافي، بحملات توعية واسعة على جميع المستويات وخاصة في المدارس والجامعات، مشيراً إلى أن مثل هذه الحملات مهمة جداً لتوعية الأجيال وأولياء الأمور بخطر نقص فيتامين (د) المهم جداً لسلامة نمو عظامهم ووقايتهم عندما يكبرون من خطر هشاشة العظام وأي تشوهات في العظام قد تنتج بسبب نقص هذا الفيتامين، كما طالب بترسيخ طرق الوقاية من نقصه لدى أطفال المدارس وتعزيز أساليب الحياة الصحية لديهم عن طريق التوعية الجادة.
أسباب
من ناحيته، قال محمد محسن علي، إنه كان يعاني دوماً من الإرهاق المزمن، ولَم يتعرف إلى السبب إلا بعد أن قام بفحص فيتامين (د) ليتفاجأ بأنه دون المستوى المطلوب، ولَم يكن يعلم أسباب هذا النقص على الرغم من أنه يعتقد أنه يمارس حياته بشكل جيد.
عادات
وأضاف أنه على الرغم من أن دولتنا تتمتع بشمس ساطعة معظم أيام السنة إلا أننا نعاني من هذا المرض الصامت، ذلك أننا تعودنا على نستقل السيارات من أمام منازلنا إلى المكان الذي نرغب فيه ونتأفف في حال لم نجد موقفاً قريباً من المكان لأننا لا نريد أن نمشي ولو دقيقة على أقدامنا، ليس هذا فحسب بل إننا نزيد الطين بلة بوضع الحاجب الشمسي على زجاج سياراتنا لنضمن عدم تعرض بشرتنا لأشعتها.
جهود
بدوره، قال عمر صقر بوست: إن الطبيب نصحه أن يمارس الرياضة وأن يعرض بشرته للشمس على فترات متقاربة، إلا أن طبيعة عمله تعوق تعليمات الطبيب فهو يعمل لساعات طويلة، مضيفاً أنه على الرغم من أن الدولة وفرت الكثير من الأماكن التي يمكن أن يمارس فيها الناس الرياضة والمشي، كما أن التأمين الصحي يغطي الفحوص الخاصة بنقص الفيتامين المذكور وعلاجه لدى معظم الفئات إلا أن الغريب ارتفاع نسبة الإصابة مع كل هذه الجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية، ويرى أن الحل يكمن في توعية الناس.
رياضات
وطالب سعود محمد البلوشي جهات العمل بتوفير صالات لممارسة أبسط أنواع الرياضات بحيث تحوي آلات المشي وغيرها من الآلات الخفيفة بغرض المحافظة على اللياقة البدنية للموظف، واصطحابهم وأسرهم في رحلات برية ليعترضوا لأشعة الشمس على الأقل طوال الأيام التي تتمتع فيها الدولة بأجواء مناسبة، وأن تمنح جهات العمل وقتاً للموظفين لممارسة الرياضات الخفيفة خلال العمل ليعودوا إلى أعمالهم بنشاط أكثر من ناحية ومن ناحية أخرى للمحافظة على القوى البشرية من خلال المحافظة على صحتهم.
ويرى أنس خليلية أهمية التركيز على الفحوص الدورية لفيتامين د لدى الموظفين وأفراد الأسرة بشكل عام، مطالباً جهات العمل بضرورة تخصيص ساعة للموظفين خلال ساعات الصباح الباكر ليتمكنوا من عقد اجتماعاتهم أو حتى ممارسة رياضة المشي وأخذ استراحتهم تحت أشعة الشمس ليكتسبوا الفيتامين منها.
90 %
يعاني 90% من مرضى السكري من نقص فيتامين «د»، ما يجعلهم أكثر عرضة للكسور ومشاكل التئام الجروح
198
دراسة شملت 198 امرأة حاملاً، أشارت إلى أن إعطاء فيتامين «د» للأمهات الحوامل يمنح أطفالهن متانة أكبر في العظام
02
ينصح من يعانون نقص فيتامين «د» بالتعرض للشمس 30 دقيقة، واليدان والأرجل مكشوفة مرتين أسبوعياً بعد الشروق بساعتين
360
يعتبر سمك السلمون مصدراً جيداً جداً للفيتامين إذ يحتوي على 360 وحدة دولية، كما تحتوي البيضة الواحدة على 20 وحدة
25
تصل الكثافة العظمية عند الإنسان إلى ذروتها بين عمر 25 و30 وبعد ذلك يبدأ خسارة نحو 4 بالألف من قوة عظامه كل سنة
30
يجب أن يكون فيتامين (د) عند مستواه الطبيعي وهو 30 فأكثر (نانو غرام لتر) أو 75 نانومول/لتر
المصدر: البيان