الاتفاق الإيراني الأميركي بمنظور اقتصادي

آراء

من يتتبع خطوات ومراحل الاتفاق النووي الأميركي الإيراني، وبعد مرور ما يزيد عن عقد من الزمن، حصل الاتفاق “غير النهائي” فهو لا يحسم كل شيء، عنوان الاتفاق والترويج له أنه إيجابي من خلال تأخير الحصول على “قنبلة نووية” خلال أشهر إلى عام كامل فهي كانت تملك “القدرة” خلال شهرين إلى ثلاثة ولكن تم تأخيرة إلى سنة كما أعلن، ويهدف الاتفاق إلى الحد من النشاط النووي لمدة 10 سنوات، تضمن أيضا خفض اليورانيوم بنسبة 98% وهو مخصب، خفض أجهزة الطرد إلى الثلث، عدم بناء أي مفاعل لإنتاج الماء الثقيل لمدة 15 سنة، نقل المخصب إلى خارج إيران، الخضوع للإشراف الدولي المستمر ومنها المواقع العسكرية، ولا ننسى أن العلاقات بين البلدين مقطوعة منذ عام 1980 ميلادية بعد حادثة السفارة الشهيرة، هذا الالتزام الإيراني وذكرت أبرز ما فيه والتفاصيل واسعة جدا، وخرج الرئيس الأميركي والحزب الديمقراطي “يصفق” لهذا الاتفاق، وكأنه نزع فتيل “الرغبة” الإيرانية بعد صناعة الأسلحة النووية، رغم أن الاتفاق لم يتضمن مطلقا التصنيع “المطلق والنهائي” للأسلحة النووية فهي اتفاقات “مؤقتة” لا حاسمة حتى بعد مرور سنوات ستعود إيران، وهي إن كانت صادقة كنوايا والتزام بالاتفاق وما أعلن، ولا ننسى أن ويندي شيرمان وهي وكيلة وزير الخارجية الأميركية وكبير المفاوضين وهي يهودية قالت نصاً “نعرف أن الخداع جزء من جينات الإيرانيين” ومع ذلك تم الاتفاق مع الإيرانيين وكأنهم يثقون أنهم سيكونون مخادعين وهو الأقرب تاريخيا.

الاتفاق الأميركي الإيراني لم يتضمن “نهائيا” مسألة أمن المنطقة، سواء الخيلج العربي أو الشرق الأوسط أو غيرها، لم يتضمن “حربها بالوكالة” في العراق وسورية ولبنان واليمن، ودورها بكثير من الدول العربية الحيوي في دعم كل منشق أو حزب أو تيار يقف ضد الدولة الشرعية، لم يتضمن الاتفاق الأميركي أي التزام بأمن المنطقة وعدم التدخل الإيراني بالمنطقة، وهي لا تتدخل مباشرة فهي “سياسة الملالي الإيرانية” كما فعلت بالبحرين ولبنان واليمن بتدخل سافر وواضح في شؤون هذه الدول وهو غير مباشر، الاتفاق الأميركي الإيراني تضمن أبعادا أخرى أوسع وأكبر من وقف وكبح التطلع الإيراني للسلاح النووي، فإيران اقتصاديا الأن عاجزة كليا عن الاستمرار بهذا البرنامج بدون دعم مالي ووقف العزلة والمقاطعة الدولية سواء سياسيا أو اقتصاديا وهو الأهم، ولا ننسى أن لإيران أرصدة مجمدة ستعود الأن لها بعد الاتفاق وتقدر ب 100 مليار دولار، إيران تريد أن “تتفرغ” للمنطقة وقلاقلها وزرع الفتن بكل ما تملك فهذا هو المشروع لها، خلق الفوضى بالمنطقة وتصبح “شرطي المنطقة” كما كانت تتطلع أيام شاه إيران وفشل فشلا ذريعا، الأن إيران تحصل على اتفاق يمنحها عمرا جديدا، من خلال ضخ دماء “الانفتاح وفك الحصار الاقتصادي” الذي سيمنحها الأموال وتعيد حساباتها وبرامجها بالمنطقة. هل هناك من يثق بالتوجه الإيراني سياسيا وأهدافه؟ لم توجد إيران بدولة بالمنطقة وتدخلت بها واستقرت، بل الفتن والفوضى إن لم يكن الحرب هي من تعمل على تحقيقه، لتصبح هي الملاذ لهذه التيارات أو الأحزاب وتحت ولائها وقوتها وسيطرتها.

نكمل غداً..

المصدر: الرياض