سهام الطويري
سهام الطويري
كاتبة سعودية

التحضر العلمي هو الانتقام من التخلف

آراء

في كتاب اليابانيين الذي ألفه سفير الولايات المتحدة في اليابان إدوين أو رايشاوير عام 1977م، طرح الكاتب سؤالا جوهريا أجاب عليه بنفسه، كان السؤال ما سر اليابان؟ وكان الجواب: سر نهوضها شيئان: إرادة الانتقام من التاريخ، وبناء الإنسان.

فالذي نهض باليابان من على ركام رائحة القنابل الذرية المميتة هو الرغبة في تحدي هزيمة الانكسار المدوي أمام العالم الأقوى، كانت الإرادة استنهاض لكل رغبات الانتقام من هزيمة الحرب، والموت الذي لن يجر الأمة اليابانية إلا إلى التخلف، والتخلف هو السرطان المميت للحياة.

ألهبت اليابان الحماسة العلمية والتكنولوجية في نفوس أمتها الجريحة والمحروقة من انفجارات هيروشيما وناجازاكي وبطراز رفيع من التوقد الفكري ليحاكي إيقاعه على الأرض لعب الكبار في ساحات الحرب الذي لا يراهن سوى على النصر، فالضرب بالعلوم والاختراعات لن يردعه إلا الضرب بالعلوم والاختراعات المنافسة.

واليوم أصبحت اليابان ضمن الدول العظمى التي كفلت لشعبها حق وجوده المهيمن في الصناعة والاقتصاد والتنمية على الخارطة الدولية.

في العالم العربي تسبح الشعوب المنكوبة بدول حكومات «الاستعمار الوطني» في خطيئة التخلف الحضاري الذي جاء إليها منقادا مرغما، وتشظت منه انعكاساته المريرة على الواقع العلمي والاقتصادي والصحي.

هذا الواقع إذا ما تم استهدافه في أي شعب فلن تهب له نهضة مع الأمم المحيطة به أبدا.

النزاعات السياسية وأطماع الاستحواذ على السلطات ونهب الأموال في بلدان العالم العربي هو ما أدى بالضرورة إلى معاناتها من إرهاصات التخلف الأساسية، وهي اشتعال الحروب الطاحنة النازعة للنسل البشري المدمرة للقائم الحضاري في البلدان التي تعاني ويلات الحروب.

فتغذية ألوية الحروب الميليشية بشباب الشعوب وطحن البنى التحتية للمدن وتدمير الآثار التاريخية وتهجير البشر وقتلهم والإيغال في تجسيد الانحطاط الحضاري في تلك الدول المنكوبة لم يكن ليكن لو وجدت الحضارة العلمية سبيلا لتلك الأمم.

لو كانت الشعوب العربية متحضرة علميا لما انتزعت الحرب بنى الأوطان التحتية على غرار الشعب الفرنسي، ولو كانت الشعوب العربية متحضرة علميا لما انتزعت الانقسامات السياسية أرواح مواطني البلد من أجل حزب معين على غرار بعض دول أوروبا التي تعاني من الأزمات الاقتصادية.

وعلى غرار ما حولنا عبر العالم نستطيع أن نقيس ردود أفعال الشعوب المتحضرة علميا تجاه الأزمات الطاحنة، والتحديات الدولية ومواجهة الحروب، والتي تؤمن بضرورة تحاشي خسارة الوطن وخسارة البشر لأنها الرهان الحقيقي على تنمية البلد بعد انتهاء طوفان التخلف وما يقوم به من تدمير للاقتصاد والحضارة والتنمية.

المصدر: مكة أون لاين