سهام الطويري
سهام الطويري
كاتبة سعودية

التركيب المعقد للإرهاب.. المناصحة لا تكفي!ّ

آراء

انتكاس المتورطين في قضايا الإرهاب بعد برامج المناصحة، وتصدرهم قوائم المطلوبين أمنيا يثير العديد من الأسئلة التي تحث على التعمق في التركيبة المعقدة للتشكل الإرهابي والنظر إلى برنامج المناصحة ومخرجاته كنتيجة نهائية لاختبار صحة فرضيات سابقة يمكن على أساسها من جديد العمل على بناء فرضيات جديدة لمكافحة الإرهاب وتوسيع رقعة أفق السعي في سبيل اجتثاث هذا المرض الذي يلوث ديننا وقيمنا ومجتمعنا.

أثبتت الأفكار الظلامية المعتقد الرئيس للإرهابي أنها ليست إلا أحد مكونات التركيبة الإرهابية المعقدة.
لو كانت الأفكار وحدها من تعمل على اعتناق الإرهاب لكانت برامج المناصحة كضد فكري يقابل فيه الفكر بالفكر لقضي على الإرهاب.

لكن يبدو أن المناصحة الفكرية تقابل مكونا واحدا فقط للتركيبة الإرهابية وهو التكوين الفكري.
ماذا عن التكوين النفسي؟ يفترض أن نبحث بالبروفايل النفسي للمتشكل في طور الإرهاب، وأن نتتبع عوامل نموه النفسي منذ مراحله المدرسية المبكرة وظروفه البيئية وما إذا كانت هناك علامات اضطراب نفسي وأمراض نفسية محددة تشترك فيها عينة الإرهابيين.

يجب علينا الاعتراف بقصور خدمات الرعاية النفسية على مستوى الشح في المستشفيات النفسية وانعدام الرعاية النفسية تقريبا في منهجية المدارس، كما أن ما يعرف بـ»المشرف المدرسي» على الأرجح في أغلبية المدارس يعمل مفتشا ومدققا أكثر من كونه ممتهنا للإرشاد النفسي.

قد يكون الاضطراب والمرض النفسي أحد مكونات التركيب الإرهابي أيضا كمدخل لاصطياد المرضى وتحويلهم إلى قنابل بشرية، ولا يمكن تجاوز بروفايل التورط في الجريمة الجنائية والأخلاقية وتداول المحظورات والمخدرات وما تتضمنه من عقاقير مهلوسة ومنومة وغيرها تخدم المجندين في قوافل الإرهاب حتى تقتل فيهم الوعي الطبيعي.

ماذا عن التعليم؟ بالبحث في بروفايلات الطلاب المنتسبين للإرهاب سنجد التناقضات، فبعض المتورطين سبق أن كانوا من المتفوقين دراسيا في المرحلة المدرسية ومن المتخصصين في الاختصاصات القوية الجامعية كالطب والهندسة، من الناحية الأخرى فإن معسكر الإرهاب أيضا لا يخلو من الطلبة الفاشلين في المراحل الدراسية.

قد تكون السمات العاطفية وتعمد الإغلاق الفكري وتوجيهه وفق مسارات فقهية متشددة هي الرابط المشترك.
ماذا عن القيم والمسؤولية الاجتماعية؟ هل تولي أسر الإرهابيين اهتماماتها بالمسؤولية الاجتماعية وتقبل التغيير والتطور على النموذج الأسري المصغر.

تركيبة الأسر التي يخرج منها الإرهاب تحتاج إلى تشريح علمي ينظر في السيكولوجيا والظروف المادية ومستوى التعليم وما إذا كان هناك رابط قرابة بين المتورطين في الإرهاب قد يلقي الظلال على المنهجية التربوية داخل بيئاتهم العائلية.

تركيبة الإرهاب معقدة والآن انعكاسات جهود المناصحة وحدها ستشرع الأبواب لمنافذ كانت غامضة.

المصدر: مكة أون لاين