جمال الشحي
جمال الشحي
كاتب و ناشر من دولة الإمارات

الحبل السري

آراء

(إن واحداً من أهم الأشياء في الحياة هو أن يكون لديك الشجاعة لتتبع حدسك الداخلي،لأن بداخلك حدساً يعرف بطريقة معينة،ما ستصبح عليه يوما ما، وكل ما عدا ذلك هو شيء ثانوي) ستيف جوبز

مجرد حبل لكنه يربط بين حياتين ، حياة تنتظر و أخرى على قائمة الإنتظار ، تبدأ منه أسرار الحياة ، حتى قبل وجودنا هناك حبل يربطنا ، نتشكل في أروقته ، نمضي بين طرقاته ، دم يجمعنا بالآخرين و أنساب و جينات ، قدرة الخالق تحفظنا قبل وجودنا و بعد الوجود، فكر معي في البدايات ؟ و ذلك الحبل الذي يربط علاقتنا بالآخرين حبل سري قدره أن يبقى سري ! يسافر معنا قبل و بعد !

كبرنا و بقيت الحبال معنا و إن اختلفت الطريقة و تبدلت الظروف ، لم نعد الآن بين جدران أربعة ، هناك فضاءات بحجم الكون و علاقات متشابكة ، و تبقى الحبال تربطنا بهم و تقربنا منهم ، قد نعرف أسبابها و قد لا نعرف ، مبدأ السرية لا زال يحكم ! و الحبل السري الذي لا نراه يمارس دوره بكل إقتدار ، يعرفنا أكثر منا ، يحرك مشاعرنا و أحيانا يتحكم في أحاسيسنا ، نقاوم مشاعرنا بمشاعرنا ، نهزم و نحن نلعب في ملعبنا ، يجذبنا لهم و لم نكن نتوقع في يوم أننا سنكون لهم ، يرتب مواعيد اللقاء ، يضفي لمساته السحرية وكالعادة بكل سرية بإرادتنا نختارهم ، نريد أن نكون معهم ن و لا نعلم الأسباب .

(نحن هنا لكي نضع بصمتنا في هذا الكون، وإلا ما فائدة مجيئنا إليه)… ستيف جوبز

للإنسان قصة مع الأسرار ، لا يستطيع أن يبقى بدونها و لا أن لا يعرفها ، بدأ الفضول منذ بدء الخليقة مع السؤال الخالد في قوله تعالى ” فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لّا يَبْلَى ” سورة طه

نحن دائماً في حالة بحث عن إجابات على كثير من الأسئلة، نريد من الأشياء أن تكون واضحة أمامنا، يثير فينا الغموض شغف معرفة الأجوبة و يبقى الفضول ما دامت معنا الأسئلة و سيظل نهمنا لكشف الأسرار باقياً ، لكن بعض الأسرار قدرها أن تبقى أسرار !

محدودون جداً في معرفة الإجابات، أحيانا نظل صامتين أمام قوة السؤال و رهبة الجواب ، تأويلينا للأشياء بقدر معرفتنا وما عدا ذلك لا يخضع لقوانيننا .

(الأسرار لا تموت ! ..لا يوجد سر يبقى للأبد..مفضوحون أمام أنفسنا..البعض يعرف عنك أشياء تجهلها عن نفسك)

قصة أخيرة.. قصيرة:

الساعة الثامنة بتوقيت الحب ،في يوم يسبق الإجازة ، أرتشف قهوتي كعادتي و لا أنتظر أحد ، بقيت صفحات و أنهي كتابي ، النادل الآن أمامي يرجع لي بقية دراهمي ، عندما غادرت أتت من حيث لا أعلم و جلست مكاني تقرأ نفس الكتاب و تحدق في فنجاني لم تلتقي أبداً نظراتنا ، لكنها عرفت كما عرفت أنا أن موعداً أخر سيجمعنا .

خاص لـ ( الهتلان بوست )