الخليج ومصر

آراء

من أخطاء السياسة الخارجية الخليجية، على المستوى الإقليمي تحديداً، أنها في الغالب تخاطب القيادات السياسية وتغفل الشعوب. تهتم برضا الرئيس ومن في دائرته وتترك الشعب للظروف. مع الوقت نخسر القيادات التي ندعمها ونكسب عداوات شعوبها. القروض والمنح والمساعدات لا تذهب – إلا نادراً – للناس ولكن معظمها يضيع في دهاليز الفساد والبيروقراطية في الدولة التي تقدم لها المساعدات فتكون لاحقاً وبالاً علينا لأننا – عبر تلك الإعانات – ندعم الحكومات بدلاً من مساندة الشعوب. أو هكذا يُظن بنا.

في اليمن اليوم، كثير من شباب التغيير ينظر للسياسة الخليجية تجاه اليمن كما لو كانت السبب في وأد ثورته. وفي مصر اليوم هناك من يعتقد أن دول الخليج تقف ضد ثورة المصريين وتدعم «بقايا الفلول». وكل هذه المواقف السلبية من دول الخليج هي حصاد عقود من تجاهل الشعوب وضعف التواصل الإيجابي معها. ولهذا فإننا بحاجة لإستراتيجية جديدة ومختلفة في تعاملنا مع شعوب المنطقة بحيث يكون المواطن هناك هو محور الاهتمام.

الرؤساء يأتون ويذهبون. والأحزاب تلعب ألاعيبها السياسية وتبدلها حسب رياح المصالح. أما الشعوب فتملك – في الغالب – ذاكرة لا تشيخ. إنها تعرف من يساندها من أجل تحقيق آمالها والتخفيف من معاناتها. وهي حتماً لا تنسى من خذلها أو تعتقد انه تجاهلها.

مصر اليوم تتغير بالساعة الواحدة. ونحن، في الخليج، معنيون بالتأسيس لخطاب أكثر إيجابية في نظرته وتعاطيه مع مصر الجديدة. وعليه فإن علاقاتنا القادمة مع مصر لابد أن تُبنى على أساس مصالح الشعب المصري وليس مصلحة «أفراد» أو «أحزاب» أو «توجهات» بعينها.

علينا أن نعيد رؤيتنا في علاقاتنا مع مصر بحيث يكون الإنسان المصري، مصالحه وهمومه وتطلعاته، هي أساس العلاقة وجوهرها. من مصلحتنا أن نكسب عقول وقلوب أهلنا الكرام في مصر، من كل التيارات والأحزاب والتوجهات!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٧٥) صفحة (٣٦) بتاريخ (٢٧-٠٥-٢٠١٢)