الله معنا، فهل نكون معه؟

آراء

خاص لـ هات بوست: 

ترددت على ألسنة البعض في الآونة الأخيرة رسائل تقول “أغلقت المساجد والكنائس ولم يحصل شيء، لكن تخيلوا لو أغلقت المشافي” في غمز ولمز إلى أهمية العلم وعدم فائدة الدين.

وعلى الطرف الآخر عزا البعض إغلاق دور العبادة والوباء إلى “الفجور والفلتان” الذي تسلل إلى المجتمعات المسلمة فكان هذا عقاب الله.

وبات كثر يبكون على ما آلت إليه أحوال الزمان، بعد أن أغلقت دور العبادة، وراحوا يتحسرون، لدرجة سمحت لأولئك بكسر الحجر المنزلي والخروج بمسيرات يرددون فيها “الله أكبر” هنا وهناك في طنجة في المغرب وفي مناطق عدة في تونس.

لماذا نتخيل أنّ دور العبادة هي الأماكن التي يوجد فيها الله؟

دور العبادة أغلقت لكن أبواب الله مفتوحة، ليس فقط بالدعاء، بل بالعمل والمساهمة في مساعدة المصابين والمتضررين. الله موجود معنا في التزامنا بيوتنا، وحرصنا على ألا نزيد الأمر سوءاً على أحبابنا وأهلنا، وعلى من يعملون لأجلنا من طاقم طبي يسهر ويعمل بساعات طويلة تحت خطر الإصابة والعدوى.

والله معنا في رحمتنا لمن فقد عمله، وربما يمر بظروف قاسية استعداداً لعودته لبلاده التي من المفترض أن تكون أولى به، في مقاييسنا الأنانية وخوفنا على نقص الموارد، ونقص الإمكانيات الصحية.

الله معنا في احترامنا للموتى، بغض النظر عن أعراقهم ودينهم، فلا نتشفّى بموتهم، بل نطلب لهم الرحمة وإن كانوا أعداءنا. الله معنا ونحن نتهافت على المحلات نأخذ ما يفوق عن حاجتنا وننسى أن نؤثر على أنفسنا ولو كان بنا خصاصة. الله قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، أي إن دعاه ليكون حاضراً في ضميره وحافظاً له.

فلماذا نخاف إغلاق دور العبادة والشيطان عادة لا يقعد فيها فقد توعد أن يقعد لنا على الصراط المستقيم، توعد أن يوسوس لنا أن نكون أشراراً فلا يعرف الحب طريقه إلينا، وأن نسرق ونكذب ونغش ونزيد بالأسعار، ونخرب ونعتدي على بعضنا البعض وعلى الضعفاء منا.

لذلك إلى كل من يخاف على إغلاق المساجد والكنائس، أقول فلتصدح بالخير ولتخرج الصدقات تزكي بها نفسك ولتنشر رسالة الحب وتقيم الصلاة لإله الخير والرحمة وترحم خلقه.

أما من يتشفّى بإغلاق المساجد والكنائس ويجدها ضربة في ظهر الدين ودوره في المجتمع فأقول، الدين هو الذي يطرّي القلب فلا يقسو ويعتاد الأنانية، هو الذي يفسح دائرة الرجاء ويوسع ضيق الحجر ليجعل هناك أملاً في الغد مهما كان الحاضر مخيفاً، هو الذي يمنح السكينة للقلوب الهلعة البسيطة التي لا تفهم لغة الفلسفات والعولمة، ولا تجد إلا في المسبحة والسجود ملاذاً، وتقبل على الموت بقلبٍ راضٍ بحكم إله عادل، فلا تستكثروا عليها إيمانها.

نحن بحاجة للعقل والوجدان، ولمعاني الخير التي تسيّج حياتنا، بحاجة أن نعترف بأن كل إنسان على هذه الأرض يستحق الحياة، مثلنا تماماً.

#خليك_بالبيت ولا تنسَ #خليك_إنسان