المالكي يتنحى بـ خطاب تبريري ويعلن دعمه للعبادي

أخبار

1408044747434608000

أعلن رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي تخليه عن المساعي للبقاء في السلطة أمس في اعلان مفاجئ مساء أمس. وبعد اجتماع بين المالكي ورئيس الوزراء المكلف حيد العبادي وكبار القيادات من التحالف الوطني الشيعي، بعد ان كانت الخلافات بالتحالف بلغت ذروتها. وقال المالكي في كلمة والى جانبه العبادي: «مسؤوليتي ان ادافع عن هذا البلد والشعب ومقدساته»، مضيفا انه عندما تولى الحكم كان «القتال يدور في وسط العاصمة.. وتسلمنا الحكومة وسط احتلال قاس»، شارحا انه عمل لـ»الاعمار والبناء» معددا عددا من المبادرات التي «حققت قفزة نوعية». وتحدث المالكي مطولا عن «الارهاب التي شاركت بها أجهزة امنية دولية وبعض المجموعات المحلية التي كانت توفر الغطاء لها». ومن اللافت ان المالكي تحدث عن سوريا بقدر ما هو تحدث عن الارهاب في العراق، قائلا ان «الهدف لم يكن لاسقاط النظام في سوريا فقط بل رسم خارطة جديدة في المنطقة ومن بينها العراق». وانهى خطابه بـاعلان دعمه للعبادي الذي سماه «الأخ»، قائلا: «سأبقى جنديا وفيا للعراق». وأفاد التلفزيون العراقي الرسمي الذي كان يسيطر عليه المالكي بأنه بات يؤيد حيدر العبادي كي يخلفه للمنصب.

وواجه المالكي ضغطا هائلا كي يتنحى بعد ثمانية سنوات في السلطة.وقال علي الموسوي المستشار الاعلامي للمالكي لوكالة الصحافة الفرنسية ان «رئيس الوزراء نوري المالكي سيدعم رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي وسيسحب الدعوى التي قدمها ضد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم». واضاف ان «المالكي يحث العراقيين على التوحد لمواجهة الارهاب والتحديات ويتعهد بالاستمرار في الدفاع عن العراق والمشروع الوطني». وكان التحالف الوطني الشيعي قام بتكليف العبادي الذي ينتمي الى ائتلاف دولة القانون الذي يقوده المالكي، الامر الذي عارضه المالكي في بداية الامر واعتبره مؤامرة.

وقدم رئيس الوزراء المنتهية ولايته دعوى في المحكمة الاتحادية ضد الرئيس العراقي فؤاد معصوم الذي رفض اعتبار ائتلاف دولة القانون الكتلة الاكبر في البرلمان.

وفقد المالكي اثر تمسكه بالسلطة، اقرب الحلفاء وينتمي بعضهم الى ائتلافه الحاكم، اثر الضغوطات الداخلية والخارجية الرافضة التجديد له لولاية ثالثة.

وكُشف، أمس، أن رسالتين من المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، ساهمتا في الإطاحة برئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي؛ الأولى أُرسلت بخط اليد في 9 يوليو (تموز) الماضي لقيادات حزب الدعوة، والثانية إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، تشدد على أهمية تغيير رئيس الوزراء.

وبينما يفقد المالكي الحلفاء من حوله، تُعد هذه الخطوة من السيستاني الضربة الحاسمة، التي أنهت طموح المالكي بولاية ثالثة في الحكم.

وفي وقت كشف فيه مصدر سياسي مقرب من حزب الدعوة الإسلامية عن فشل تسوية بين المالكي والمكلف حيدر العبادي تقضي بانسحابهما معا، وترشيح بديل عنهما من حزب الدعوة، أعلنت المحكمة الاتحادية العليا أن قرارها الخاص بالشكوى التي رفعها المالكي ضد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم سيتأخر.

وقال المصدر السياسي العراقي الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الكشف عن هويته إن «الأوضاع بدأت تميل بشكل يكاد يكون نهائي لصالح حيدر العبادي، وذلك على أثر التأييد الداخلي والإقليمي والدولي، الأمر الذي وضع المالكي في زاوية حرجة، بحيث بدأ يتحدث فقط عن أحقية من انتخبه، بينما الشرط الرئيس لنجاح أي رئيس حكومة يتمثل في مدى الدعم الذي يحظى به داخليا وخارجيا».

وأضاف أنه «بعد التعنت الذي أبداه المالكي أول الأمر، فقد بدأت وساطات من عدد من القيادات، من أبرزها عدد من قيادات حزب الدعوة، فضلا عن أطراف أخرى، بمن فيها المرجعية الدينية»، مبينا أن «الوساطات اتخذت صيغتين؛ الأولى، وقد فشلت بعد تراجع حظوظ المالكي بإمكانية الاحتفاظ بمنصبه، وتتمثل في أن يعلن كل من المالكي والعبادي انسحابهما معا من سباق الترشح لمنصب رئيس الوزراء، على أن يحل محلهما القيادي في الدعوة خلف عبد الصمد، وهي تسوية لم تصمد طويلا، بينما الصيغة الثانية هي ممارسة المزيد من الضغوط على المالكي لكي يتنازل».

وأضاف أن «من أبرز الضغوط التي أحرجت المالكي كثيرا هي الرسالة التي كان أرسلها إلى قيادات الدعوة المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيستاني، التي يشير فيها صراحة إلى اختيار رئيس جديد للوزراء».

وأوضح المصدر المطلع أن «حزب الدعوة انحاز لصالح العبادي، ليس بالضد من المالكي، بل لأنه بات يرى أن تشبث المالكي بالمنصب سيفقد الفرصة من حزب الدعوة، الذي يمسك بالسلطة منذ ثمانية أعوام، وبالتالي فإنه في الوقت الذي سوف يستمر فيه المالكي بانتظار قرار المحكمة الاتحادية، فإنه بات يشعر أن الوقت لا يعمل لصالحه، لأنه حتى لو صدر قرار المحكمة الاتحادية لصالح دولة القانون، فإن العبادي بات الآن مرشح دولة القانون والمرجعية معا».

ويأتي الإعلان عن ترشيح عبد الصمد بدلا من المرشح الساخن طوال الشهور الماضية، وهو طارق نجم، بديلا للمالكي ليعكس استمرار الأزمة داخل «الدعوة»، لا سيما أن عبد الصمد لم يكن من قيادات الخط الأول، فالأخير برز في غضون السنوات الأخيرة عبر رئاسته مؤسسة الشهداء، ومن ثم انتخابه محافظا للبصرة، ومن ثم رئيسا لمجلس محافظتها، قبل أن يرشح للانتخابات البرلمانية الأخيرة، ويفوز بعضوية البرلمان العراقي للدورة الحالية.

إلى ذلك، أكد عضو البرلمان العراقي عن المجلس الأعلى الإسلامي ووزير النفط الأسبق إبراهيم بحر العلوم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التغيير الذي حصل في العراق، اليوم، بتكليف شخصية أخرى لرئاسة الحكومة إنما يعود الفضل فيه إلى المرجعية الدينية العليا التي أصرت على هذا التغيير وقادته بكل مفاصله، ونجحت في ذلك». وأضاف أن «المفارقة اللافتة أنه في الوقت الذي تقود فيه المرجعية التغيير والتقدم بالبلد نحو شاطئ الأمان والاستقرار، فإن القيادات السياسية تقود فريق التأخير من أجل التشبث بالمناصب والمواقع التي لم تقدم خدمة للناس ولم تحفظ البلد أمنيا». وأوضح بحر العلوم أن «الأهم بالنسبة لنا في المرحلة القادمة تحديد خريطة طريق من أجل تشكيل الحكومة بأسرع وقت وببرنامج عمل واضح المعالم، مع التركيز على المواطنة كهوية جامعة ونبذ المحاصصة العرقية والطائفية».

على صعيد متصل، فإنه بينما أعلن الناطق الرسمي باسم مجلس القضاء الأعلى عبد الستار البيرقدار أن المحكمة الاتحادية تحتاج إلى وقت للبت في قرارها الخاص بالطعن الذي قدمه المالكي ضد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، وذلك في تصريحات له نشرت أمس (الخميس) في بغداد، فإن مصدرا مقربا من الرئاسة العراقية أبلغ «الشرق الأوسط» (طالب عدم الإشارة إلى اسمه) أن «المحكمة الاتحادية أرسلت إلى رئاسة الجمهورية كتابا تطالبها فيه بتحديد دفوعاتها بهذا الشأن»، مبينا أن «المحكمة الاتحادية سوف تبدأ إجراءاتها بالنظر في القضية بعد أسبوعين من الآن»، مبينا أن «الرئاسة سوف تهيئ دفوعاتها بهذا الاتجاه».

وفي ضوء هذا الإعلان، فإن المراقبين السياسيين في العاصمة العراقية بغداد يخشون أن يؤثر هذا التأخير على عملية تسليم السلطة من قبل المالكي، في نهاية المهلة الدستورية المحددة لرئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي، وأمدها شهر من تاريخ التكليف.

إلى ذلك، لا يزال تبادل البيانات والاتهامات قائما بين أطراف حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه المالكي؛ ففي الوقت الذي أعلن فيه الحزب في بيان له، أمس، أنه اختار العبادي لوجود عقبات كبيرة أمام المالكي، فإن مقربا من المالكي نفى أن يكون قد صدر مثل هذا البيان.

وقال حزب الدعوة في بيانه: «نؤكد أهمية تكاتف القوى والكتل السياسية ونبذ الخلافات لمواجهة التحديات الخطيرة والحفاظ على وحدة العراق وحماية المواطنين»، داعيا الكتل السياسية إلى «التعاون مع رئيس الوزراء المكلف دستوريا السيد العبادي».

ومن جهة أخرى، أفادت مصادر سياسية مطلعة في طهران بأن السيستاني بعث رسالة إلى مرشد الجمهورية الإسلامية، مما أدى إلى تغيير سياسة طهران في حماية المالكي. وقام السيستاني ببعث الرسالة بشكل «سري»، بعد مرور ساعات على الاجتماع غير المثمر الذي جمع قيادات حزب الدعوة بشأن مناقشة ترشيح المالكي لتولي منصب رئاسة الوزراء للمرة الثالثة. ولم يعلن عن تفاصيل هذه الرسالة. ويبدو أن آية الله السيستاني قام بانتقاد المالكي قبل أن يبعث الرسالة لمرشد الجمهورية الإسلامية، وقال إن الاستیلاء على السلطة والمنصب خطأ عظيم، وبعث السيستاني الرسالة إلى المرشد مباشرة بعد إدلائه بهذه التصريحات.

وقال مصدر إيراني مطلع لـ«الشرق الأوسط»: «جاء قرار السيستاني بإرسال الرسالة للمرشد بعد تلقيه اتصالات هاتفية من قيادات الائتلاف الوطني (ومناشدتهم إياه بالمساعدة في عزل المالكي)». وحول الرسالة التي وجهها السيستاني إلى خامنئي، أضاف المصدر: «يدرك أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني خلال لقاء سري مع آية الله السيستاني في منتصف يوليو (تموز) رغبة آية الله السيستاني في تنحي المالكي. ويبلغ شمخاني الأمر لخامنئي».

وقال الدكتور صباح زنكنة الخبير والمحلل السياسي في شؤون الشرق الأوسط في طهران لـ«الشرق الأوسط»، أمس، حول اختيار العبادي: «كانت تدل الظروف السائدة في العراق والمشاكل التي يواجهها البلاد بسبب (داعش) على أن المالكي غير قادر على إعادة اللحمة إلى العراق».

بغداد: حمزة مصطفى لندن: «الشرق الأوسط»