حمود أبو طالب
حمود أبو طالب
كاتب سعودي

المواجهة في عاصفة أخرى

آراء

مع عاصفة الحزم بدأنا نواجه عاصفة تشكلها جبهتين، الأولى إعلامية، والثانية سياسية، يجب أن نتعامل معهما بذكاء وحصافة ومعرفة جيدة بطبيعة الأدوات والأساليب المناسبة لكل منهما. الجبهة الأولى يتخندق فيها صنف من الكتاب والإعلاميين الذين يسوقون أنفسهم بأنهم دعاة الحرية والقومية والنضال ودعم الشعوب المضطهدة، بينما الحقيقة التي يعرفها الجميع أنهم جاهزون دوما للقفز على كل هذه القيم التي يتشدقون بها ومستعدون للعمالة لصالح أي طرف يتبنى مشاريع الهدم والخراب في الدول العربية. هؤلاء طالما أساؤوا كثيرا للمملكة ووصفوها بما يحتشد به قاموسهم الملوث. لقد صدموا بأن المملكة بادرت فعلا لحماية الأمن العربي من الخطر الذي يهدده، وتصرفت بما يحقق المبادئ التي يتحدثون عنها وهم أبعد الناس منها، المفاجأة جعلتهم يفقدون التوازن فعلت أصواتهم بالهجوم عليها. إنهم معروفون جيدا لصالح من هم مسخرون ومن يخدمون، ومع تفاهة طرحهم وتنظيرهم، إلا أنهم محترفون في التزييف الذي ينطلي على البعض. وإزاء ذلك لا بد من استراتيجية إعلامية ذكية، ليس لمواجهتهم والرد عليهم بشكل مباشر، وإنما لنقض ودحض محتوى حملتهم بأسلوب أكثر تأثيرا في الرأي العام وأبلغ إقناعا للمتلقي.
 
أما الجبهة السياسية، فقد بدأها المحور الروسي الإيراني. روسيا ذات السجل المشبوه في كل أزمات المنطقة منذ وقبل 2011، والتي تدعم النظام السوري في مجازره وتمده بالسلاح، وتقف ضد المبادرات الساعية لإيجاد الحلول، دخلت على خط الأزمة اليمنية بشكل مراوغ متلبس بالنزعة الإنسانية، وفي ذلك خبث كثير؛ لأنها تريد تمرير صورة ذهنية عن عدم إنسانية أو مشروعية عاصفة الحزم، رغم أن أسلحة الحوثيين من روسيا، ورغم أنها لا تشير إليهم من قريب أو بعيد. والأعجب منها إيران التي أرسلت مندوبا إلى إحدى الدول الخليجية للتوسط في إيقاف الحملة العسكرية بشكل عاجل وإتاحة الفرصة للحل السياسي. إنه سلوك يستغفل العقول عندما تكون هي المحرض والممول والراعي الرسمي للحوثيين والداعم لهم في استمرار تخريبهم ثم تطالب بحل سياسي. مواجهة هذه الجبهة هي مسؤولية السياسيين لدينا، لكنها أيضا تتطلب بالضرورة ذراعا إعلامية تتصدى لتلك الازدواجية وذلك التناقض الفاضح.
 
إنها مواجهة كبرى بين الحق والباطل، وللباطل داعمون أكثر من الحق في هذا الوقت ــ للأسف، وعلينا أن نكون قادرين على المواجهة بما يضمن فضح الباطل وإحقاق الحق.

المصدر: عكاظ
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20150406/Con20150406763377.htm